قوله عز وجل: ﴿أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا﴾ أي: قالوا هذه أساطير الأولين، وقد مضى الكلام على الأساطير في "الأنعام" (١).
والجمهور على فتح التاءين في (اكتتبها) على البناء للفاعل وهو رسول الله - ﷺ -، بمعنى استكتبها، لأنه عليه الصلاة والسلام كان أميًا لا يكتب بيده، بشهادة قوله: ﴿وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ﴾ (٢). وقيل: (اكتتبها): جَمَعَها، والكتب: الجمع.
وقرئ: (اُكْتُتِبَهَا) بضم التاء الأولى وكسر الثانية على البناء للمفعول (٣)، على معنى: أكتتبت له، والأصل: اكتتبها كاتب له، ثم حذفت اللام فوصل الفعل إلى الضمير فصار اكتتبها إياه كاتب، ثم بني الفعل للمفعول الذي هو إياه، فانقلب مرفوعًا مستترًا بعد أن كان بارزًا منصوبًا؛ لقيامه مقام الفاعل، وبقي ضمير الأساطير على حاله، فصار (اكتتبها) كما ترى.
وقوله: ﴿بُكْرَةً وَأَصِيلًا﴾ ظرفان لقوله: ﴿تُمْلَى﴾ أي: غدوة وعشيًا، وقيل: عبارة عن طول النهار، أي: دائمًا (٤).
وقوله: ﴿مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ﴾ (ما) استفهام في موضع رفع بالابتداء، والخبر (لهذا)، وهذه اللام مفصولة عن (هذا) في الإمام مصحف عثمان - رضي الله عنه -، وخط الإمام سنة متبعة. و ﴿يَأْكُلُ﴾ في موضع الحال من المنوي في الظرف، والعامل فيها الاستقرار الحاصل من الظرف.
وقوله: ﴿لَوْلَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا﴾ الجمهور على نصب قوله: ﴿فَيَكُونَ﴾، لأنه جواب ﴿لَوْلَا﴾ بمعنى (هلَّا)، وحكم

(١) عند إعرابه للآية (٢٥) منها.
(٢) سورة العنكبوت، الآية: ٤٨.
(٣) قرأها طلحة بن مصرف، انظر مختصر الشواذ / ١٠٣/. والمحتسب ٢/ ١١٧. والمحرر الوجيز ١٢/ ٧. وزاد المسير ٦/ ٧٣.
(٤) انظر الكشاف ٣/ ٨٩.


الصفحة التالية
Icon