وقوله: ﴿لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ (١٠) إِلَّا مَنْ ظَلَمَ﴾ في الاستثناء وجهان:
أحدهما: منقطع و ﴿إِلَّا﴾ بمعنى (لكن)، والمعنى: لكن من ظلم نفسه بالمعصية. ﴿ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا بَعْدَ سُوءٍ﴾ أي: توبة بعد سوء عمله.
والثاني: متصل، والمعنى: إلا من ظلم من المرسلين، أي: إلا من أذنب منهم ذنبًا من صغائر الذنوب، لأن الصغائر لا يَسْلَمُ منها أحد، فالظلم على هذا يراد به شيء من الصغائر، وذلك لا يسلم منه بشر إلا من عصمه الله منه، وقليل ما هم.
وقيل: في الكلام حذف تقديره: لا يخاف لدي المرسلون إنما يخاف غيرهم ممن ظلم، ثم استثنى من الظالمين فقال: إلا من ظلم ثم تاب (١).
فإن قلت: ما محل (مَن) على الأوجه؟ قلت: أما على الوجه الأول: فالنصب على مذهب الجمهور من العرب، وأما على الثاني: فجائز فيه الأمران الرفع والنصب، وأما على الثالث: فالنصب ليس إلا، لكونه مستثنى من الموجب فاعرفه.
وقرئ: (أَلَا مَنْ ظَلَمَ) بحرف التنبيه (٢)، فـ (من) على هذه مرفوعة بالابتداء، والخبر: (ظَلَمَ) (٣).
﴿وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ فِي تِسْعِ آيَاتٍ إِلَى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ (١٢)﴾:
(٢) قرأها زيد بن أسلم، وأبو جعفر وليست من العشر. انظر مختصر الشواذ / ١٠٨. والمحتسب ٢/ ١٣٦. والمحرر الوجير ١٢/ ٩٥. كما نسبها ابن الجوزي في زاده ٦/ ١٥٧ إلى آخرين.
(٣) فتكون (من) على هذا شرطية.