قوله عز وجل: ﴿بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ﴾ [انتصاب ﴿بَيْضَاءَ﴾ على الحال من المستتر في، ﴿تَخْرُجْ﴾، وكذا ﴿مِنْ غَيْرِ سُوءٍ﴾] حال منه أيضًا، أو من المنوي في ﴿بَيْضَاءَ﴾، أي: سالمة من العيب.
وقوله: ﴿فِي تِسْعِ آيَاتٍ﴾ حال أخرى، و ﴿فِي﴾ بمعنى (مع)، أي: مصاحبة معها، أو على بابها، أي: كائنة في جملة تسع آيات. [وقيل: ﴿فِي تِسْعِ آيَاتٍ﴾] كلام مستأنف، والمعنى: اذهب في جملة تسع آيات.
وقوله: ﴿إِلَى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ﴾ من صلة محذوف، أي: مبعوثًا أو مرسلًا إلى فرعون وقومه، فحذف لدلالة الكلام عليه، وذلك المحذوف حال من المنوي في ﴿وَأَدْخِلْ﴾، أو واصلة إليهم، فتكون صفة لـ ﴿تِسْعِ آيَاتٍ﴾، وعلى كلا التقديرين فيه ذكر مرتفع به.
﴿فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ آيَاتُنَا مُبْصِرَةً قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ (١٣) وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (١٤) وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ (١٥) وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَاأَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ (١٦)﴾:
قوله عز وجل: ﴿فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ آيَاتُنَا مُبْصِرَةً﴾ [مبصرة] نصب على الحال، أي: واضحة بينة، جعل الإبصار لها وهو في الحقيقة لمتأمليها، والمعنى: مبصرًا بها. وقيل: مبصرة: مضيئة، يقال: أبصر النهار، إذا أضاء. وقيل: مبصرة لهم، أي: تجعلهم بصراء (١).
وقرئ: (مَبْصرَةً) بفتح الميم والصاد (٢)، وهو مصدر، وانتصابه إما

(١) انظر هذه الأقوال في معاني الزجاج ٤/ ١١١. وجامع البيان ١٩/ ١٣٩.
(٢) قرأها قتادة، وعلي بن الحسين كما في المحتسب ٢/ ١٣٦. والكشاف ٣/ ١٣٥. والمحرر الوجيز ١٢/ ٩٦.


الصفحة التالية
Icon