قوله عز وجل: ﴿فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا﴾ انتصاب قوله: ﴿ضَاحِكًا﴾ على الحال من المنوى في ﴿فَتَبَسَّمَ﴾، وفي الحال وجهان:
أحدهما: مقدرة، أي: فَتَبَسَّمَ مقدرًا الضحك، وشارعًا فيه، لأنَّ التبسم تحريك الشفتين لابتداء الضحك وليس بالضحك.
والثاني: مؤكدة، لأن معنى تبسم: ضحك، وهو قول أبي إسحاق وموافقيه (١).
والوجه هو الأول لما ذكر آنفًا من أن التبسم هو ابتداء، يعضده قول المازني: إنما جاء الحال ليعلم أنه تَبَسُّمُ ضَحِكٍ لَا تَبَسُّمُ غضب، فاعرفه فإنه موضع لطيف.
وقرئ: (ضَحِكًا) من غير ألف (٢)، وهو مصدر ضحك.
قال أبو الفتح: هو منصوب على المصدر بفعل محذوف يدل عليه تَبَسَّم، كأنه قال: ضحِكَ ضحِكًا، هذا مذهب صاحب الكتاب - رحمه الله -، انتهى كلامه (٣).
وقال غيره: هو منصوب بنفس (تبسم)، كأنه في معنى ضحك (٤).
قلت: ويجوز أن يكون في موضع الحال إما على حذف المضاف، أي: ذا ضحك، وجُعل نفس الضحك وعينه مبالغة. فإن قلت: هل يجوز أن يكون اسم فاعل كحذر وشبهه، لأن ماضيه ضَحِكَ؟. قلت: قد جوز ذلك (٥).

(١) انظر معاني الزجاج ٤/ ١١٢. والتبيان ٢/ ١٠٠٦. وانظر الوجه الأول في البيان ٢/ ٢٢٠.
(٢) قرأها محمد بن السميفع. انظر المحتسب ٢/ ١٣٩. والمحرر الوجيز ١٢/ ١٠١. والقرطبي ١٣/ ١٧٥.
(٣) المحتسب الموضع السابق. وانظر مذهب سيبويه في المحرر أيضًا.
(٤) هذا قول أبي عثمان المازني كما في المحتسب. وقول المبرد كما في المحرر.
(٥) جوزه أبو البقاء ٢/ ١٠٠٦ أيضًا.


الصفحة التالية
Icon