تحته (١) ردًا إلى قوله: ﴿وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ﴾ وقرئ: بالتاء فيهما النقط من فوقه (٢) على الخطاب، لأن الكلام قد دخله الخطاب على مذهب من قرأ: (أَلَا يسجدوا)، لأنه منادى والمنادى مخاطب، وأما من قرأ بالتاء النقط من فوقه وهو لا يقرأ إلا مخففًا فعلى الخطاب للفريقين المؤمِنين والكافرين الذين جرى ذكرهم على لفظ الغيبة، أو على الرجوع من الغيبة إلى الخطاب، وهو كثير شائع في الكتاب العزيز، وفي كلام القوم نظمهم ونثرهم.
﴿قَالَ سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (٢٧) اذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ (٢٨)﴾:
قوله عز وجل: ﴿ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ﴾ فيه وجهان:
أحدهما: على التقديم والتأخير، والتقدير: اذهب بكتابي هذا فألقه إليهم فانظر ماذا يرجعون ثم تول عنهم. ﴿يَرْجِعُونَ﴾، أي: يردون، يعني يجيبون.
والثاني: الكلام على أصله ولفظه، والمعنى: ثم أعرض عنهم، أي: تنح عن ذلك الموضع فكن قريبًا منهم بحيث تسمع ما يجيبون به عنه.
وقيل: إنما أدبه بأدب الملوك، والمعنى: فألقه إليهم ولا تقف منتظرًا، ولكن تول عنهم ثم ارجع إليهم فانظر ماذا يرجعون (٣).
﴿قَالَتْ يَاأَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ (٢٩) إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (٣٠) أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (٣١)﴾:
(٢) قرأها الكسائي، وحفص عن عاصم. انظر السبعة / ٤٨١/. والحجة ٥/ ٣٨٥. والمبسوط / ٣٣٢/.
(٣) انظر هذا القول في المحرر الوجيز ١٢/ ١٠٧.