يَفْعَلُونَ (٣٤) وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ (٣٥)}:
قوله عز وجل: ﴿وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ﴾ فيه وجهان، أحدهما: من تمام كلامها. والثاني: من كلام الله تصديقًا لقولها وهو الوجه، وهو اختيار أبي إسحاق، قال: لأنها هي قد ذكرت أنهم يفسدون، فليس في تكرير هذا منها فائدة (١). وقيل: هو من قول سليمان - عليه السلام - (٢). ومحل الكاف النصب على أنها نعت لمصدر محذوف.
﴿فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آتَاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ (٣٦) ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ (٣٧)﴾:
قوله عز وجل: ﴿فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ﴾ أي: فلما جاء رسولها سليمان، وقيل جاء المال سليمان، لأن الهدية مال، والأول هو الوجه، تعضده قراءة من قرأ: (فلما جاؤوا) على الجمع، وهو ابن مسعود - رضي الله عنه - (٣).
وقوله: ﴿قَالَ أَتُمِدُّونَنِ﴾ قرئ بنونين ظاهرين على الأصل، وبالإدغام (٤) كراهة اجتماع المثلين. وبالياء وهو الأصل، وبحذفها (٥) اجتزاء بالكسرة عنها.

(١) معاني الزجاج ٤/ ١١٩. ولم يذكر الطبري ١٩/ ١٥٥ غيره، وعزاه إلى ابن عباس - رضي الله عنهما -. وانظر القولين في معاني النحاس ٥/ ١٣١. والمحرر الوجيز ١٢/ ١٠٩.
(٢) ذكره الآلوسي ١٩/ ١٩٨.
(٣) انظر قراءته في معاني الفراء ٢/ ٢٩٣. وجامع البيان ١٩/ ١٥٧. والمحرر الوجيز ١٢/ ١١٠.
(٤) قرأ حمزة، ويعقوب: (أتمدونِّي) بنون واحدة مشددة. وقرأ الباقون: (أتمدونني) بنونين ظاهرتين. انظر السبعة / ٤٨٢/. والحجة ٥/ ٣٨٧ - ٣٨٨. والمبسوط / ٣٣٢/. والنشر ٢/ ٣٣٨.
(٥) حذفها ابن عامر، وعاصم، والكسائي، وخلف في الوصل والوقف. وأثبتها ابن كثير، وحمزة، ويعقوب في الوصل والوقف. وأما أبو جعفر، ونافع وأبو عمرو فيثبتونها في الوصل دون الوقف. انظر التخريج السابق.


الصفحة التالية
Icon