تمييز التسعة بالرهط حيث كان اسمًا للجماعة، كأنه قيل: تسعة رجال، وقد فُرِّقَ بين الرهط والنفر، فقيل: الرهط من الثلاثة إلى العشرة، أو من السبعة إلى العشرة. والنفر: من الثلاثة إلى التسعة. و ﴿يُفْسِدُونَ﴾ نعت لتسعة أو لرهط، وكان دأبهم الإفساد دون الإصلاح.
وقوله: ﴿قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ﴾ (تقاسموا) يحتمل أن يكون ماضيًا، وأن يكون آتيًا بمعنى الأمر، بشهادة قولك: تقاسموا أمس، إذا أردت الخبر، وتقاسموا غدًا، إذا أردت الأمر.
فإذا فهم هذا فقرئ: (لَنُبَيِّتَنَّهُ) بالنون والتاء، وكذا (لَنَقُولَنَّ) (١)، فمن قرأ (لنُبَيِّتَنَّه) بالنون والتاء كان ﴿تَقَاسَمُوا﴾، عنده يجوز أن يكون ماضيًا في موضع الحال بإضمار قد، أي: قالوا: وقد تقاسموا، أي: متقاسمين لنُبَيِّتَنَّ صالحًا وأهله، وأن يكون آتيًا، أي: قال بعضهم لبعض: احلفوا فقولوا هذا القول، كما تقول: قوموا بنا نأت الجامع.
ومن قرأ: (لتبيتنه) بالتاء، كان ﴿تَقَاسَمُوا﴾ عنده أمرًا، والتاء على هذا للخطاب للمأمورين دون الآمرين معهم، ويجوز أن يكون أيضًا خبرًا كالقراءة الأولى.
وعن مجاهد: (لَيُبَيِّتُنَّهُ) بالياء النقط من تحته وضم التاء، ثم (لَيَقُولُنَّ) بالياء أيضًا وضم (اللام) (٢) فـ ﴿تَقَاسَمُوا﴾ على هذه القراءة فعل ماض ليس إلا، ووجه الياء أن ﴿تَقَاسَمُوا﴾ على لفظ الغيبة، وأما ضم التاء الثانية من (لتبيتُنه) واللام من (لتقولُن) فهي الضمة التي تكون قبل واو الجماعة، وحذفت

(١) قرأ حمزة، والكسائي، وخلف بالتاء فيهما. وقرأ الباقون بالنون فيهما. انظر السبعة / ٤٨٣/. والحجة ٥/ ٣٩٤. والمبسوط / ٣٣٣/.
(٢) انظر قراءة مجاهد في معاني الفراء ٦/ ٢٩٦. وإعراب النحاس ٢/ ٥٢٧. ومختصر الشواذ / ١١٠/. ونسبها ابن عطية ١٢/ ١١٩ إلى الأعمش، وطلحة، وابن وثاب. وانظر زاد المسير ٦/ ١٨٢.


الصفحة التالية
Icon