فجمع بينهما كما ترى.
وقوله: (وما نَزَّلَ) في موضع جر عطفًا على ﴿لِذِكْرِ اللَّهِ﴾ أي: وَلِمَا نَزّله الله على رسوله من الحق، و (ما) موصولة، ويجوز أن تكون مصدرية، وقرئ: (نَزَلَ) بالتخفيف (١)، والمنوي يعود إلى ﴿مَا﴾، أي: نزل هو بإنزال الله جل ذكره إياه، و ﴿مَا﴾ على هذه القراءة موصولة لا غير، إذ لو جعلتها مصدرية لبقي الفعل بلا فاعل، والموصول بلا عائد، وأما مَن شَدّد (٢)، فـ ﴿مَا﴾ يحتمل أن تكون موصولة، وأن تكون مصدرية، لأن المنوي في الفعل لله جل ذكره لا لـ ﴿مَا﴾ فاعرفه.
وقوله: ﴿وَلَا يَكُونُوا﴾ يجوز أن يكون عطفًا على ﴿أَنْ تَخْشَعَ﴾ فيكون نصبًا، وأن يكون نهيًا لهم فيكون جزمًا. والجمهور على الياء فيه النقط من تحته لأنهم غيب، وقرئ: (ولا تكونوا) بالتاء (٣) على الالتفات.
وقوله: ﴿إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ﴾ قرئ: بتشديد الصاد والدال فيهما (٤)، والأصل: المتصدقين والمتصدقات، اسم الفاعل من الصدقة، فأدغمت التاء في الصاد بعد قلبها صادًا، يعني الباذلين للصدقة والباذلات لها، تعضده قراءة من قرأ على الأصل: (المتصدقين والمتصدقات)، وهو أبي بن كعب رضي الله عنه (٥).
(٢) هذه قراءة الباقين من العشرة. انظر القراءتين في السبعة/٦٢٦/. والحجة ٢/ ٢٧٣. والمبسوط ٤٢٩ - ٤٣٠. والتذكرة ٢/ ٥٨١.
(٣) قراءة صحيحة لرويس عن يعقوب: انظر المبسوط/ ٤٣٠/. والتذكرة ٢/ ٥٨٢. والنشر ٢/ ٣٨٤.
(٤) هذه قراءة أكثر العشرة كما سيأتي.
(٥) انظر قراءته في معاني الفراء ٣/ ١٣٥. وإعراب النحاس ٣/ ٣٦٠. ومختصر الشواذ / ١٥٢/. وحجة الفارسي ٦/ ٢٧٥. والكشف ٢/ ٣١١. والمحرر الوجيز ١٥/ ٤١٨.