هو الفائت، فكذلك يكون الفاعل في قوله: ﴿آتَاكُمْ﴾ الآتي، والعائد إلى (ما) في الموضعين المنوي الذي في فات وفي أتى. وبالمد (١) والمنوي فيه لله جل ذكره والعائد إلى (ما) محذوف، أي: (بما آتاكموه)، والقصر من الإتيان، والمد من الإيتاء.
وقوله: ﴿الَّذِينَ يَبْخَلُونَ﴾ يجوز أن يكون في موضع نصب إما على البدل من قوله: ﴿كُلَّ مُخْتَالٍ﴾، أو على إضمار أعني، وأن يكون في موضع رفع على إضمار مبتدأ، أي: هم الذين، أو على الابتداء والخبر محذوف، أي: الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل مُسْتَغْنًى عنهم، يدل عليه ﴿وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ﴾، وقد ذكر نظيره في النساء (٢).
﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ (٢٥) وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (٢٦) ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (٢٧)﴾:
قوله عز وجل: ﴿فِيهِ بَأْسٌ﴾ محل الجملة؛ النصب على الحال من الحديد، أي: أنزلناه ذا بأس.
وقوله: ﴿وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ﴾ نصب بالعطف
(٢) انظر إعرابه للآية (٣٧) منها.