وقوله: ﴿لِلْفُقَرَاءِ﴾ قيل: بدل من قوله: ﴿وَلِذِي الْقُرْبَى﴾ والمعطوف عليه (١). وقيل: من صلة محذوف يدل عليه قوله: ﴿كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ﴾، والتقدير: ولكن يكون للفقراء، وما بينهما اعتراض (٢).
﴿وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٩) وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (١٠)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ﴾ يجوز أن يكون في موضع جر عطفًا على قوله: ﴿لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ﴾، وأن يكون في موضع رفع على الابتداء والخبر ﴿يُحِبُّونَ﴾، أو محذوف، أي: أفلحوا أو فازوا، و ﴿يُحِبُّونَ﴾ على هذا، وعلى الأول في موضع نصب على الحال.
وقوله: ﴿وَالْإِيمَانَ﴾ منصُوب بفعل مضمر (٣).
وقوله: ﴿مِنْ قَبْلِهِمْ﴾ من صلة ﴿تَبَوَّءُوا﴾، أي: والذين تبوؤا الدار من قَبْلِ المهاجرين، وإنما قُدِّر هذا لأن إيمان الأنصار ليس قبل إيمان المهاجرين، وقد جوز أن يكون محمولًا على ما دل عليه ﴿تَبَوَّءُوا﴾، لأن معناه لزموا، كأنه قيل: لزموا الدار ولزموا الإيمان، فلم يفارقوهما. وقيل: في الكلام حذف مضاف تقديره: تبوءوا الدار وحلوا موطن الإيمان (٤).

(١) هذا الوجه للنحاس ٣/ ٣٩٧. واقتصر عليه الزمخشري ٤/ ٨١.
(٢) انظر معنى هذا القول في الطبري ٢٨/ ٤٠. وإعراب النحاس الموضع السابق. والقرطبي ١٨/ ١٩.
(٣) لأن (الإيمان) لا يُتَبَوَّأُ فيعطف على (الدار).
(٤) انظر الكشاف ٤/ ٨٢. والبيان ٢/ ٤٢٨.


الصفحة التالية
Icon