جوز أن يكون المعنى على قراءة من قرأ: (من وراء جَدْرٍ) من وراء شجرهم ونخلهم (١)، يقال: أجْدَرَ الشجر، إذا طلعت رؤوسها في أول الربيع. والجَدْرُ نبت، واحدته: جَدْرَةٌ (٢).
وقوله: ﴿كَمَثَلِ الَّذِينَ﴾ أي: مَثَلُ هؤلاء كمثل الذين، فحذف المبتدأ، ومِثْلُهُ ﴿كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ﴾، وقيل: ﴿كَمَثَلِ﴾ متصل بقوله: ﴿وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبَارَ﴾ (٣) ﴿كَمَثَلِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِم﴾.
و﴿قَرِيبًا﴾: نعت لظرف محذوف، أي: وقتًا قريبًا، أي: في وقت قريب، والعامل فيه محذوف، والتقدير: أُخْرِجُوا من قبلهم قريبًا، أو ذاقوا وبال أمرهم قريبًا.
﴿فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ (١٧) يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (١٨) وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (١٩) لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ (٢٠)﴾:
قوله عز وجل: ﴿فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا﴾ الجمهور على نصب العاقبة على خبر كان، واسمها ﴿أَنَّهُمَا فِي النَّارِ﴾، وقرئ: (عاقبتُهما) بالرفع (٤) على أنها الاسم، والخبر ﴿أَنَّهُمَا فِي النَّارِ﴾.
(٢) كذا في القرطبي ١٨/ ٣٥ أيضًا.
(٣) من الآية (١٢) المتقدمة.
(٤) قرأها ابن مسعود - رضي الله عنه -، والحسن، وسليمان بن أرقم، وعمرو بن عبيد. انظر معاني الفراء ٣/ ١٤٦. وجامع البيان ٢٨/ ٥١. وإعراب النحاس ٣/ ٤٠٢. ومختصر الشواذ / ١٥٤/. والمحرر الوجيز ١٥/ ٤٧٧.