والثاني: محذوف أيضًا غير أنه في الكلام ما يدل عليه، وهو معنى قول النحاة في نظيره: هو شرط جوابه محذوف لدلالة ما قبله عليه (١)، والتقدير: إن كنتم خرجتم مجاهدين في سبيلي مبتغين مرضاتي أوْ لهما [- أعني للجهاد وللابتغاء -] (٢): فلا تتخذوهم أولياء.
و﴿جِهَادًا﴾ مصدر في موضع الحال، أو مفعول له، ومثله ﴿ابْتِغَاءَ﴾، وقد أَوضحتُ كليهما آنفًا بالتقدير.
وقوله: ﴿تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ﴾ يجوز أن يكون في موضع الحال، أي: مسرين، وأن يكون مستأنفًا، أي: أنتم تسرون، والباء صلة، أي: تسرون إليهم مودتكم، أو تسرون إليهم أسرار النبي - ﷺ - بسبب المودة، كما ذكر في ﴿تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ﴾، وقيل: هو بدل من ﴿تُلْقُونَ﴾ (٣)، أو تأكيد بتكرير معناه دون اللفظ (٤).
﴿إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ (٢) لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٣)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَدُّوا﴾ فيه وجهان:
أحدهما: ماضٍ في اللفظ، مستقبلٌ في المعنى، لأنه في جواب الشرط، والأصل: ويودوا، [قيل: ] وإنما عدل عن أصله لسببٍ ونكتةٍ فيه، كأنه قيل: وودوا قبل كل شيء كفرَكم وارتدادَكم (٥).
(٢) من (أ) فقط.
(٣) انظر المحرر الوجيز ١٥/ ٤٨٤.
(٤) البيان ٢/ ١٢١٧.
(٥) انظر هذا القول في الكشاف ٤/ ٨٧.