المحرم، أي: مستقبلًا لها (١). وقيل: هي بمعنى عند، أي: عند عدتهن، كقوله: ﴿لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ﴾ (٢) أي: عند وقتها (٣). والمعنى: عند أول ما يُعْتَدُّ لهن به، وهو في قُبلِ طُهرٍ لَمْ يجامعهن فيه، تعضده قراءة من قرأ: (في قُبلِ عِدَّتِهِنَّ) وهو النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وابن عباس، وعثمان، وأُبي بن كعب، وجابر بن عبد الله، ومجاهد، وعلي بن الحسين، وزيد بن علي، وجعفر بن محمد رضي الله عنهم (٤)، وبهذا قال المحققون من أصحابنا، وعلى الجملة فلا يخلو من إضمار، إما أن يكون التقدير لإقبال عدتهن، أو لزمان عدتهن، وقيل: هي بمعنى (في)، أي: في إقبال، أو في زمان عدتهن (٥).
وقوله: ﴿وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ﴾ الاستثناء متصل، ومحل ﴿أَنْ يَأْتِينَ﴾ النصب على الحال، أي: ولا يخرجن إلَّا آتياتٍ بفاحشة، كقولك: لا تخرج إلَّا أن تركب، أي: إلَّا راكبًا، وأن مع الفعل بتأويل المصدر، أي: لا تخرج إلَّا ركوبًا، أي: ذا ركوب، فحذف المضاف فصار ما بعده في موضع الحال. وقيل: الاستثناء منقطع بمعنى (لكن)، أي: لكن أن يأتين بفاحشة.
وقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ﴾ قرئ: بالتنوين في (بالغٌ) ونَصْبِ (أمرَه) (٦). و (بالغُ أمرِه) بإضافة (بالغ) إلى الأمر (٧)، مَن نَوَّنَ فعلى الأصل،

(١) قاله الزمخشري ٤/ ١٠٧.
(٢) سورة الأعراف، الآية: ١٨٧.
(٣) انظر هذا القول في المحتسب ٢/ ٣٢٣. والتبيان ٢/ ١٢٢٧.
(٤) انظر هذه القراءة في جامع البيان ٢٨/ ١٢٩ - ١٣٠. ومختصر الشواذ / ١٥٨/. والمحتسب ٢/ ٣٢٣. والنكت والعيون ٦/ ٢٩. ومعالَم التنزيل ٤/ ٣٥٥. والكشاف ٤/ ١٠٧. والمحرر الوجيز ١٦/ ٣٥. ومعنى قُبُلِ العدة: آخر الطهر حتى يكون الحيض.
(٥) هذا القول للجرجاني كما في القرطبي ١٨/ ١٥٢ - ١٥٣.
(٦) هذه قراءة العشرة إلَّا حفصًا كما سيأتي.
(٧) قرأها حفص عن عاصم وحده. انظر القراءتين في السبعة / ٦٣٩/. والحجة ٦/ ٣٠٠. والمبسوط / ٤٣٨/. والتذكرة ٢/ ٥٩١.


الصفحة التالية
Icon