﴿قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ (٢٣) قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (٢٤) وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٢٥) قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (٢٦) فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ (٢٧)﴾:
قوله عزَّ وجلَّ: ﴿قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ﴾ (قليلًا) نعت لمصدر محذوف، أي: تشكرون شكرًا قليلًا، أو وقتًا أو زمانًا قليلًا، و (ما) صلة.
وقوله: ﴿فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً﴾، الضمير المنصوب لما وُعدوا به من عذاب القيامة، و ﴿زُلْفَةً﴾ مصدر في موضع الحال من الضمير المنصوب، لأنَّ رأى من رؤية العين، أي: ذا زلفة، والمعنى: قريبًا منهم.
وقوله: ﴿تَدَّعُونَ﴾ الجمهور على تشديد الدال وفيه وجهان:
أحدهما: تفتعلون من الدعاء، أي: تدعون الله بإيقاعه، والمراد استعجالهم إياه بقولهم: ﴿مَتَى هَذَا الْوَعْدُ﴾ وقيل: ﴿تَدَّعُونَ﴾ أي: تتداعون، أي: هذا ما كنتم تجتمعون على الدعاء به والاستبطاء له.
والثاني: تفتعلون من الدعوى، والمعنى: تَدَّعون به التكذيب، أي كنتم بسببه تدعون أنكم لا تبعثون.
والأصل: (تدتعيون) فأعلت اللام وقلبت التاء دالًا وأدغمت الدال الأولى فيها.
وقرئ: (تَدْعُونَ) بإسكان الدال (١)، من دعوت أدعو دعاء، أي: هذا الذي كنتم تدعون الله أن يوقعه بكم، فالقراءتان ترجعان إلى معنى واحد، إنْ جعلتَ (تدعون) من الدعاء لا من الدعوي، فاعرفه.

(١) قراءة صحيحة ليعقوب وحده، وهي قراءة سعيد بن جبير، والضحاك، ويحيى بن يعمر، وسلام، وغيرهم. انظر المبسوط / ٤٤٢/. والتذكرة ٢/ ٥٩٣. والنشر ٢/ ٣٨٩.


الصفحة التالية
Icon