فإذا فهم هذا، فقوله جل ذكره: ﴿عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ﴾ يجوز أن يكون في موضع الحال، و ﴿عَلَى﴾ بمعنى (إلى)، أي: غدوا قاصدين إلى جنتهم بسرعة ونشاط، قادرين على زعمهم وعند أنفسهم، أي: كانوا يحسبون أنهم قادرون على صِرام نخلها، واجتناء ثمارها، ولم يعلموا أنه قد حيل بينهم وبين ما يشتهون، أو غدوا حاصلين على الحرمان والمنع عند أنفسهم، أو غدوا ممتلئين غيظًا.
وأن يكون من صلة (غَدَوْا). وأن يكون من صلة ﴿قَادِرِينَ﴾ على معنى: قادرين عند أنفسهم على قصد جنتهم، لا يحول بينها وبينهم آفة، وهذا تقدير: أبي إسحاق (١).
وقد منع الزمخشري أن يكون من صلة ﴿قَادِرِينَ﴾، ولا أعرف سبب ذلك (٢).
وأما ﴿قَادِرِينَ﴾ فيجوز أن يكون حالًا وهو الجيد: إما من الضمير في (غَدَوْا)، وإما من المستكن في ﴿حَرْدٍ﴾ إن جعلته في موضع الحال. وأن يكون خبر (غَدَوْا) على تضمين (غَدَوْا) معنى أصبحوا.
وجاء في التفسير أن حَرْدًا اسمٌ لجنتهم (٣)، فعلى هذا من صلة (غَدَوا) ليس إلَّا، أي: غدوا على تلك الجَنَّة قادرين على صرامها على زعمهم، وأنّ ﴿قَادِرِينَ﴾ بمعنى مقتدرين، أي: مقتدرين أن يتم لهم مرادهم من الصرام والحرمان.
وقوله: ﴿خَيْرًا مِنْهَا﴾ مفعول ثان، لأنَّ بَدَّلَ (٤) يتعدى إلى مفعولين.
(٢) انظر الكشاف ٤/ ١٢٩.
(٣) هذا تفسير السدي كما في النكت والعيون ٦/ ٩٦. وزاد المسير ٨/ ٣٣٦. وانظر الكشاف ٤/ ١٢٩.
(٤) فيها قراءتان: بتشديد الدال وتخفيفها، وكلاهما من المتواتر. وقد تقدمت في الكهف. وانظرها هنا في المبسوط / ٤٤٣/. وكان في (ب) و (ج): (جل) بدل (بدل).