صحائح الأمور (١). وقيل: سميت حاقة لأنها واقعة لا محالة (٢). واختلف فيها:
فقيل: هي من حَقَّ الشيءُ يَحِقُّ، إذا وجب وصح مجيئه.
وقيل: من حَقَّ الشيءَ يَحُقُّهُ، إذا أَوْجَبَهُ، يقال حَقَّقْتُ الشَّيءَ وأحْقَقْتُهُ، أي: أوجبته، والمعنى: أنها توجب لكل أحد ما استحقه.
وقيل: من حَقَّ الشيءَ يَحُقُّهُ، إذا جعله جديرًا حقيقًا مثل حَقَّقَهُ، على معنى: أنها تحق الأشياء من الجزاء والثواب والعقاب.
وقيل: من حَاقَّهُ فَحَقَّهُ، إذا غَلَبَهُ في الحق، والمراد أنها تَحُقُّ كل مجادل في دين الله بالباطل.
والماضي في جميع هذه الأقوال على فَعَل بفتح العين، والمستقبل في القول الأول على (يَفْعِل) بكسر العين، وفي البواقي كلها على (يَفْعُل) بضم العين. و (الحاقة) اسم الفاعل من حق على هذه الأقوال التي ذكرت، وقد ذكرت آنفًا أنها اسم للقيامة، وهو قول الجمهور.
وقوله: ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّةُ﴾ (ما) الأولى مبتدأ، وهي استفهام معناه التفخيم والتعظيم، وخبره ﴿أَدْرَاكَ﴾. و (ما) الثانية مبتدأ ثان، و ﴿الْحَاقَّةُ﴾ خبره، وأدرى فعل يتعدى إلى مفعولين: فالكاف مفعول أول، والجملة مفعول ثان، والمعنى: أيّ شيء أعلمكَ أيّ شيء هي؟ وإنما عُلِّق عنه ﴿أَدْرَاكَ﴾ لتضمنه معنى الاستفهام (٣).
(٢) انظر هذا المعنى في القرطبي ١٨/ ٢٥٧.
(٣) يريد أن (أدراك) لم يعمل في (ما)، لأن معناها الاستفهام، والاستفهام لا يعمل فيه ما قبله.