وقوله: ﴿فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ﴾ اختلف في الطاغية، فقيل: مصدر كالعاقبة والعافية والخائنة، أي: فأهلكوا بالطغيان. وقيل: اسم فاعل كالطاغي والتاء للمبالغة، والمراد به قدار بن سالف على ما فسر (١). أي: فأهلكوا بسبب الطاغي منهم، وقيل: هي الفرقة الطاغية، أي: فأهلكوا بسبب الفرقة التي طغت منهم. وقيل: بالصيحة الطاغية، أو بالريح الطاغية، أو بذنب النفس الطاغية، فحذف الفوصوف وأقيمت الصفة مقامه. وقيل: الطاغية اسم البقعة التي أهلكوا فيها (٢).
وقوله: ﴿سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا﴾ انتصاب قوله: ﴿سَبْعَ﴾ ﴿وَثَمَانِيَةَ﴾ على الظرف، وحذفت التاء من ﴿سَبْعَ﴾ وأثبتت في ﴿ثَمَانِيَةَ﴾ للفرق بين المذكر والمؤنث.
وأما ﴿حُسُومًا﴾ فيجوز أن يكون جمع حاسم، كشهودٍ وقعودٍ في جمع شاهدٍ وقاعدٍ، وأن يكون مصدرًا كالشُّكور والكُنود، فإن كان جمعًا فنصبه على الصفة لقوله: ﴿سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ﴾، أي: متتابعات، وإن كان مصدرًا فنصبه يحتمل أوجهًا: أن يكون صفة أيضًا للمذكور، أي: ذات حسوم، وأن يكون مصدرًا مؤكدًا لفعله وفعله محذوف، والتقدير: تحسمهم حسومًا، أي: حسمًا، بمعنى تستأصلهم استئصالًا، وأن يكون مفعولًا له، أي: سخرها عليهم لأجل الحسم، أي: للاستئصال، وأصله القطع، ومنه الحسام، أي: قطعت دابرهم، فاعرفه فإنه موضع.
وعن بعضِ القراء: (حَسومًا) بفتح الحاء (٣)، وهو حال من الضمير المنصوب في ﴿سَخَّرَهَا﴾ العائد إلى الريح، أي: سخرها عليهم مستأصلة.
(٢) لم أجد هذا القول.
(٣) قرأها السدي كما في مختصر الشواذ ١٦٠ - ١٦١. والكشاف ٤/ ١٣٤. والقرطبي ١٨/ ٢٦٠. والبحر ٨/ ٣٢١.