وقوله: ﴿فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ﴾ الضمير في ﴿فِيهَا﴾ يجوز أن يكون للأيام والليالي، وأن يكون للريح، أي: في مهابّها، وأن يكون لبيوتهم وإن لم يجر لها ذكر لحصول العلم بها، وأن يكون للطاغية على قول من جعلها اسمًا لبقعتهم.
و﴿صَرْعَى﴾: حال من القوم، لأن الرؤية من رؤية العين، والمعنى: لو كنت حاضرًا في ذلك الوقت لرأيت القوم فيها مصروعين، وهو جمع صريع، كقتلى وجرحى في جمع قتيل وجريح، وكذلك الكاف في ﴿كَأَنَّهُمْ﴾ في موضع الحال إما من القوم أيضًا على قول من جوز حالين من ذي حال، وإما من المنوي في ﴿صَرْعَى﴾ على قول من لم يجوِّز ذلك، أي: مصروعين مشبهين أعجاز نخل.
وقوله: ﴿مِنْ بَاقِيَةٍ﴾ أي: من نفس باقية، وقيل هي مصدر كالعاقبة والعافية، أي: فهل ترى لهم من بقاء.
﴿وَجَاءَ فِرْعَوْنُ وَمَنْ قَبْلَهُ وَالْمُؤْتَفِكَاتُ بِالْخَاطِئَةِ (٩) فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رَابِيَةً (١٠) إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ (١١) لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ (١٢)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَجَاءَ فِرْعَوْنُ وَمَنْ قَبْلَهُ﴾ قرئ: بفتح القاف وإسكان الباء، أي: ومَن قَبْلَهُ من الكفار. وبكسر القاف وفتح الباء (١)، أي: ومَن حوله وعنده، فقيل: نقيضه بَعْد. وقيل: لِما ولي الشيء، تقول: لِي قِبَلَ فلان كذا وكذا، أي: عنده وفي جهته.
وقوله: ﴿وَالْمُؤْتَفِكَاتُ بِالْخَاطِئَةِ﴾ أي: وأهل المؤتفكات، فحذف المضاف، وهي قرى قوم لوط عليه السلام. و (الخاطئة): مصدر بمعنى الخطأ،

(١) أي (قِبَلَةُ). وقرأها البصريان، والكسائي، والباقون على الأولى. انظر السبعة/ ٦٤٨/. والحجة ٦/ ٣١٤. والمبسوط/ ٤٤٤/. والتذكرة ٢/ ٥٩٦.


الصفحة التالية
Icon