على ﴿حَمِيمٌ﴾ أي: ولا له طعام. و ﴿هَاهُنَا﴾ معمول الخبر، وكذا ﴿الْيَوْمَ﴾ ظرف للخبر ومعمول له، ولا يجوز أن يكون، ﴿هَاهُنَا﴾ هو الخبر، لأنه يصير التقدير: ولا طعام ها هنا إلا من غسلين، وذلك لا يصح في المعنى، لأن ثَمَّ طعامًا من غير الغسلين، فخبر (ليس): ﴿لَهُ﴾ ليس إلا، والظرفان كلاهما معمول الخبر، ولا ذكر في واحد منهما إلا أن تجعل ﴿هَاهُنَا﴾ حالًا من المنوي في ﴿لَهُ﴾ فحينئذٍ يكون فيه ذكر.
وقوله: ﴿إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ﴾ من تتمة ﴿حَمِيمٌ﴾، أي: ليس له حميم إلا من غسلين، على أنَّ الحميمَ الماءُ الحار، ثم قال: ﴿وَلَا طَعَامٌ﴾، أي: وليس له طعام ينتفع به. وأما من قال: إن الحميم هو الصديق (١)، فيكون الاستثناء منقطعًا. و ﴿غِسْلِينٍ﴾ فِعْلِين من الغِسْل (٢).
﴿فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ (٣٨) وَمَا لَا تُبْصِرُونَ (٣٩) إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (٤٠) وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ (٤١) وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ (٤٢) تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٤٣) وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ (٤٤) لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (٤٥) ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ (٤٦) فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ (٤٧)﴾:
قوله عز وجل: ﴿قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ﴾ و ﴿قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ﴾ صفة لمصدر محذوف أو لظرف محذوف، و (ما) صلة، أي: تؤمنون إيمانًا قليلًا، أو وقتًا قليلًا، والقلة في معنى العدم، أي: لا تؤمنون شيئًا. وقيل: (ما) ليست بصلة، وإنما هي نافية، أي: ما تؤمنون إيمانًا قليلًا ولا كثيرًا (٣)،
(٢) وهو ما يُغسل به الرأس. والقول لأبي عبيدة ٢/ ٢٦٨. والأخفش ٢/ ٥٤٨. وانظر الصحاح (غسل).
(٣) انظر كونها نافية في الكشاف ٤/ ١٣٦ - ١٣٧. والمحرر الوجيز ١٦/ ١٠٤. وانظر ردًّا عليهما في البحر ٨/ ٣٢٨. والدر المصون ١٠/ ٤٤٠ - ٤٤١. وكونها صلة لغوًا: اقتصر عليه الزجاج ٥/ ٢١٨.