وأن تكون الألف منقلبة عن واو، حكاه أيضًا صاحب الكتاب رحمه الله، قيل: وهي لغة قريش يقولون: سِلْتُ تَسال، كخِفْتُ تَخافُ، وقالوا على هذه اللغة: هما يتساولان (١). والهمزة في ﴿سَائِلٌ﴾ على هذا بدل من واو، كالهمزة في خائف.
وأن يكون من السيلان، فتكون الألف منقلبة عن ياء، تعضده قراءة من قرأ: (سَال سَيْلٌ) وهو ابن عباس رضي الله عنهما (٢)، قال أبو الفتح: السيل هنا: الماء السائل، وأصله المصدر، من قولك: سال الماء سيلًا، إلا أنه أُوقع على الفاعل، كقوله تعالى: ﴿إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا﴾ (٣) أي: غائرًا، انتهى كلامه (٤). والمعنى: سال سيل من العذاب على الكفار، والهمزة في ﴿سَائِلٌ﴾ على هذا بدل من ياء كما في بائع.
وبعد فإن السؤال هنا يجوز أن يكون على بابه، فتكون الباء بمعنى عن، يقال: سألت فلانًا عن كذا، وأن يكون بمعنى الدعاء، فيكون الباء على بابه، كأنه قيل: دعا داع رسول الله بعذاب واقع، كما تقول: دعوت الله بكذا.
وقوله: ﴿لِلْكَافِرِينَ﴾ يحتمل أوجهًا: أن يكون من صلة ﴿سَأَلَ﴾، أي: دعا داع للكافرين بعذاب واقع. وأن يكون من صلة ﴿وَاقِعٍ﴾ واللام بمعنى الباء، أو بمعنى (على)، أو على بابه، أي: بعذاب نازل بهم، أو عليهم، أو لأجلهم. وأن يكون من صلة محذوف على أنه صفة بعد صفة للعذاب، أي: بعذاب واقع كائن لهم. وأن يكون خبرَ مبتدأ محذوف مبنيًّا
(٢) انظر قراءته في مختصر الشواذ / ١٦١. والمحتسب ٢/ ٣٣٠. والكشاف ٤/ ١٣٨ وفيه تحريف. والمحرر الوجيز ١٦/ ١٠٧. وزاد المسير ٨/ ٣٥٨.
(٣) سورة الملك، الآية: ٣٠.
(٤) المحتسب الموضع السابق.