فإذا فهم هذا، فقوله جل ذكره: (نَزَّاعةٌ) قرئ: بالرفع (١)، وذلك يحتمل أوجهًا: أن يكون خبرًا بعد خبر لإنَّ. وأن يكون هو الخبر و ﴿لَظَى﴾ بدل من اسم إنّ، وأن تكون ﴿لَظَى﴾ هي الخبر، و (نَزَّاعةٌ) بدل منها، وأن ترتفع على إضمار هي. وأن تكون ﴿لَظَى﴾ مبتدأ، و (نَزَّاعةٌ) خبره، والجملة خبر إنَّ.
وقرئ: (نزاعةً) بالنصب (٢)، وفيه وجهان:
أحدهما: على الحال إما من المنوي في ﴿لَظَى﴾ على قول من جعلها صفة غالبة كالحارث والعباس، ولذلك جاز دخول حرف التعريف عليهما لما بقي فيهما بعد التسمية من رائحة الصفة، وإما من ﴿لَظَى﴾ والعامل فيها ما دل عليه الكلام من معنى التلظي، كأنه قيل: تتلظى في حال نزعها للشوى، وهي حال مؤكدة، كقوله تعالى: ﴿وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا﴾ (٣)، لأنَّ لظى لا تكون إلا نزاعة للشوى، فلا معنى للحال إلا على وجه التأكيد، وإما من المستكن في ﴿تَدْعُو﴾ فتكون حال مقدرة، لأنها حين تدعوهم لا تكون ﴿نَزَّاعَةً﴾.
والثاني: بإضمار فعل، أي: أعني نزاعةً. والشَّوَى جمع شَواةٍ، وهي جلدة الرأس.
وقوله: ﴿تَدْعُو﴾ يجوز أن يكون مستأنفًا، وأن يكون صفة لقوله: ﴿نَزَّاعَةً﴾، وأن يكون حالًا من المنوي فيها، وأن يكون خبرًا بعد خبر لإنَّ.
{إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا (١٩) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا (٢٠) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا (٢١) إِلَّا الْمُصَلِّينَ (٢٢) الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ (٢٣) وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ
(٢) قرأها حفص عن عاصم. انظرها مع قراءة الباقين في السبعة / ٦٥٠/. والحجة ٦/ ٣١٩. والمبسوط/ ٤٤٦/. والتذكرة ٢/ ٥٩٧.
(٣) سورة البقرة، الآية: ٩١.