مشكلة، لأنهما وإن كانا عربيين أو أعجميين ففيهما سببا منع الصرف إما التعريف ووزن الفعل، وإما التعريف والعجمة، ولعله قصد الازدواج فصرفهما لمصادفته أخوتهما منصرفات: ودًّا، وسواعًا، ونسرًا، كما قرئ: (وضحاها) بالإمالة (١) لوقوعه مع الممالات للازدواج، انتهى كلامه (٢).
وما ذكر حسن جيد مع ما روي عن الأخفش أنه قال: سمعنا من العرب من يصرف هذا، يعني (سلاسلًا) وجميع ما لا ينصرف (٣). وليس قول من قال: صرفهما لكونهما نكرتين بمستقيم، لأنهما اسمان لصنمين معلومين مخصوصين لا ثالث لهما يشاركهما في اسمهما، فاعرفه.
وقرئ: (ودًّا) بفتح الواو وضمها (٤)، وهما لغتان بمعنىً. قيل: هو مشتق من الوِداد، وهو السهولة واللين، يقال: وددت الرجلَ، إذا أحببته.
وقوله: ﴿وَقَدْ أَضَلُّوا﴾ هذا من قول نوح عليه السلام، واختلف في الضمير، فقيل: للرؤساء. وقيل: للأصنام (٥)، كقوله: ﴿رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ﴾ (٦). ولما وصفها بصفة العقلاء وهي الإضلال جمعها جمعهم.
وقوله: ﴿وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلَالًا﴾ هذا من قول نوح عليه السلام أيضًا قيل: عطف على قوله: ﴿رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي﴾، وقال: ﴿وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلَالًا﴾، أي: قال هذين القولين وهما في محل النصب، لأنهما مفعولا قال، و ﴿ضَلَالًا﴾ مفعول ثان لـ ﴿تَزِدِ﴾.

(١) من أول سورة الشمس، والقراءة من المتواتر.
(٢) الكشاف ١٤٣ - ١٤٤.
(٣) حكاه عن أبي الحسن الأخفش: الفارسي في حجته ٦/ ٣٤٩.
(٤) قرأ المدنيان: (وُدًا) بضم الواو، وقرأ الباقون بفتحها. انظر السبعة/ ٦٥٣/. والحجة ٦/ ٣٢٧. والمبسوط / ٤٥٠/. والتذكرة ٢/ ٥٩٩. والنشر ٢/ ٣٩١.
(٥) القولان في النكت والعيون ٦/ ١٠٥.
(٦) سورة إبراهيم، الآية: ٣٦.


الصفحة التالية
Icon