والحديث، والجمهور على رفع قوله: ﴿جَدُّ رَبِّنَا﴾، وهو مرفع بـ ﴿تَعَالَى﴾، وقرئ: (جَدًّا رَبُّنَا) بنصب جَدّ على التمييز ورفع ربّنا بـ ﴿تَعَالَى﴾ (١)، أي: تعالى ربُّنا جدًّا، ثم قدم المميز، كما تقول: حسن زيدٌ وجهًا، ثم: حسن وجَهًا زيدٌ. وقرئ: أيضًا: (جَدُّ رَبُّنَا) برفعهما (٢)، على تقدير: وأنه تعالى جَدُّ [جَدُّ] رَبَّنَا، فجد الثاني بدل من الأول، فحذف وأقيم المضاف إليه مقامه.
والجد في اللغة: العظمة، يقال: جَدَّ فلانٌ، إذا عَظُم، منه قول أنس رضي الله عنه: "كان الرجل إذا قرأ البقرة وآل عمران جَدَّ فينا" (٣). أي: عظم.
وقوله: ﴿وَأَنَّهُ﴾ الضمير ضمير الشأن والحديث أيضًا. ﴿كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطًا﴾: اسم كان مضمر فيها، وهو ضمير الشأن والأمر الذي يسميه الكوفيون ضمير المجهول، والجملة التي بعد ﴿كَانَ﴾ تفسر ذلك المضمر، لأنه مضمر لم يتقدمه ظاهر يعود عليه، وإنما يضمر على شريطة التفسير. و ﴿يَقُولُ سَفِيهُنَا﴾ في موضع خبر ﴿كَانَ﴾. ولك أن تجعل ﴿كَانَ﴾ صلة لا اسم لها ولا خبر.
وقيل: ﴿سَفِيهُنَا﴾ اسم كان، و ﴿يَقُولُ﴾ الخبر، وفيه بعد، لأن الفعل إذا تقدم عمل في الاسم بعده، لأنه أقوى.
و﴿شَطَطًا﴾ نعت لمصدر محذوف، أي: قولًا شططًا، أي ذا شطط،
(٢) رواية أخرى عن عكرمة. انظر المحتسب، والقرطبي الموضعين السابقين. والمحرر الوجيز ١٦/ ١٣٢.
(٣) كذا أيضًا في الصحاح (جدد) عن أنس - رضي الله عنه -، وقال الحافظ في الكافي ٥ - ٦: هذا طرف من حديث أخرجه أحمد وابن أبي شيبة.