كَيْدًا فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ (٤٢) أَمْ لَهُمْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (٤٣)}:
قوله عز وجل: ﴿أَمْ يَقُولُونَ﴾ (أم) في أوائل هذه الآيِ من لدن قوله جل ذكره: ﴿أَمْ يَقُولُونَ﴾ إلى قوله: ﴿أَمْ لَهُمْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ﴾ منقطعة بمعنى بل وألف الاستفهام، وقد أوضحتها فيما سلف من الكتاب في غير موضع (١).
وقوله: ﴿نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ﴾ (نتربَصُ) في موضع الصفة لـ ﴿شَاعِرٌ﴾، والتربص: الانتظار بانقلاب الحال. والمنون: يقع على الدهر وعلى الموت، فإن أريد به الدهر ذُكِّر، لأن الدهر مذكر، وإن أريد به الموت أنث على معنى المنية، وهو في الأصل فَعول، من مَنَّهُ إذا قطعه، لأن الموت قَطُوعٌ، وكذلك الدهر، وقيل: سمي مَنُونًا لأنه ينقص العدد، أريد به الدهر أو الموت، يقال: مَنَّه، إذا نقصه، وقيل: هو من مَنَّهُ إذا أضعفه، يقال: حبل مَنِينٌ، أي: ضعيف.
و﴿رَيْبَ الْمَنُونِ﴾ مفعول به، وقال الفراء: هو على حذف الجار، أي: ننتظر به إلى ريب المنون (٢)، والوجه هو الأول.
وقوله: ﴿مَعَكُمْ﴾ عامله محذوف، أي: فإني متربص معكم، دل عليه ما بعده.
وقوله: ﴿بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ﴾ الجمهور على ترك الإضافة، والضمير للقرآن، أي: بحديثٍ مثل هذا القرآن في الفصاحة والبلاغة وحسن النظم، وقرئ: (بحديثِ مثلِهِ) على الإضافة (٣)، والضمير لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، يعضده: {أَمْ

(١) انظر إعرابه للآية (٨٠) و (١٤٠) و (٢١٤) من البقرة.
(٢) ليس في معانيه عند هذه الآية. وحكاه القرطبي ١٧/ ٧٢ عن الأخفش.
(٣) قرأها الجحدري كما في المحتسب ٢/ ٢٩٢. والمحرر الوجيز ١٥/ ٢٤٦. والقرطبي ١٧/ ٧٣.


الصفحة التالية
Icon