مقامه، أي: ملئت حرسًا مَلْئًا شديدًا، فحذف المصدر. و ﴿وَشُهُبًا﴾ عطف على ﴿حَرَسًا﴾ وحكمه في الإعراب حكمه، وهو جمع شهاب، وهي النجوم التي كانت ترجم بها.
وقوله: ﴿يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا﴾ (رصدًا) صفة لشهاب، وهو مصدر إما بمعنى فاعل، أي: شهابًا راصدًا له ولأجله، أو بمعنى مفعول، أي: مرصود قد أرصد له. وقيل: هو اسم جمع للراصد، على معنى: ذوي شهاب راصدين بالرجم، وهم الملائكة الذين يرجمونهم بالشهب ويمنعونهم من الاستماع.
وقوله: ﴿أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ﴾ (أشر) يجوز أن يكون مبتدأ والخبر ﴿أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ﴾ وأن يكون فاعلَ فعلٍ محذوف يدل عليه ما بعده، أي: أريد شرٌّ.
﴿وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا (١١) وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ نُعْجِزَ اللَّهَ فِي الْأَرْضِ وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَبًا (١٢) وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدَى آمَنَّا بِهِ فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلَا يَخَافُ بَخْسًا وَلَا رَهَقًا (١٣)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ﴾ أي: قوم دون ذلك، فحذف الموصوف. ﴿كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا﴾ (قدادًا) صفة لـ ﴿طَرَائِقَ﴾، وواحد طرائق: طريقة، وواحد قِدَدٍ: قِدَّةٌ، كعِدَدٍ في عِدَّةٍ، والقِدَّةُ، من قَدَّ، كالقطعة من قَطَع، وأصله في الأديم، يقال لكل ما قطع منه: قدَّةٌ، وجمعها قِدَد. قيل: ووصفت الطرائق بالقدد، لدلالتها على معنى التقطع والتفرق (١).
وقوله: ﴿وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ نُعْجِزَ اللَّهَ فِي الْأَرْضِ وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَبًا﴾ الظن هنا بمعنى اليقين، وأن مخففة من الثقيلة، وقد سدت مسد المفعولين، و ﴿هَرَبًا﴾ مصدر في موضع الحال من المنوي في ﴿وَلَنْ نُعْجِزَهُ﴾ أي: ولن

(١) قاله الزمخشري ٤/ ١٤٧.


الصفحة التالية
Icon