نعجزه هاربين. وكذا ﴿فِي الْأَرْضِ﴾ في موضع الحال أيضًا: أي: كائنين فيها، وقد جوز أن يكون ﴿هَرَبًا﴾ تمييزًا.
وقوله: ﴿فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلَا يَخَافُ بَخْسًا وَلَا رَهَقًا﴾ الفاء جواب الشرط، أي: فهو لا يخاف، أي: فهو غير خائف، ولذلك دخلت الفاء لأن الكلام في تقدير مبتدأ وخبر، ولولا ذلك لقيل: لا يخف. قيل: وإنما عدل عن الجزم وجيء بالفاء مع تقدير مبتدأ قبل الفصل حتى يقع خبرًا له، ليدل على أن المؤمن ناج لا محالة (١).
وقرئ: (فلا يخفْ) بالجزم (٢). و ﴿بَخْسًا﴾ نقصًا، و ﴿رَهَقًا﴾: ما يرهقه من المكروه، أي: ما يغشاه.
﴿وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا (١٤) وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا (١٥) وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا (١٦) لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا (١٧)﴾:
قوله عز وجل: ﴿تَحَرَّوْا رَشَدًا﴾ التحري طلب الأَحرى، إما من القول أو من الفعل.
وقوله: ﴿مَاءً غَدَقًا﴾ الجمهور على فتح الدال، وهو مصدر غَدِقَ الماء يَغْدَقُ بكسر العين في الماضي وفتحها في الغابر غَدَقًا، إذا غَزُرَ، وصف به الماء، وقرئ: (غَدِقًا) بكسرها (٣)، وهو اسم الفاعل من غَدِقَ، كغَرِقٍ من غَرِقَ (٤).
(٢) قرأها يحيى بن وثاب، والأعمش. انظر مختصر الشواذ / ١٦٣/. والكشاف ٤/ ٤٨/. والمحرر الوجيز ١٦/ ١٣٧. والقرطبي ١٩/ ١٧.
(٣) قرأها عاصم في رواية الأعشى كما في مختصر الشواذ /١٦٣/. والمحرر الوجيز ١٦/ ١٣٨. والبحر المحيط ٨/ ٣٥٢.
(٤) جعلهما السمين ١٠/ ٤٩٦ لغتين.