التي تُفرش، ومعناه جماعات، أي: كادوا يركبونه حرصًا على القرآن ورغبة في استماعه، وقرئ: (لُبُدًا) بضم اللام والباء خفيفة (١)، وهو جمع لَبُودٍ كصُبُرٍ في صبُورٍ. و (لُبَّدًا) بضم اللام وفتح الباء مشددة (٢)، وهو جمع لابدٍ، كسُجَّدٍ في ساجدٍ، قال أبو الفتح: اللُّبَّدُ الكثير يركب بعضه بعضًا حتى يتلبد من كثرته، انتهى كلامه (٣). ومنه قوله جل ذكره: ﴿أَهْلَكْتُ مَالًا لُبَدًا﴾ (٤)، أي: كثيرًا. وقيل له: لُبَّدٌ، لركوب بعضه على بعض، ولصوق بعضه ببعض.
وقوله: ﴿قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو﴾ أمر من الله تعالى لرسوله - ﷺ - بذلك، وقرئ: (قال) على الخبر (٥)، لتقدم ذكر الغيبة في قوله: ﴿وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ﴾، أي: قال الرسول.
وقوله: ﴿إِلَّا بَلَاغًا﴾ فيه أوجه:
أن يكون استثناء منقطعًا، أي: لا أملك لكم ضرًا ولا رشدًا لكن بلاغًا، وما بينهما اعتراض، قيل: وإنما جيء به لتأكيد نفي الاستطاعة عن نفسه وبيان عجزه، ويجوز أن يكون مردودًا على قوله: ﴿لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ﴾ على معنى: ولكن بلاغًا من الله يجيرني.
وأن يكون بدلًا من قوله: ﴿مُلْتَحَدًا﴾، وهو قول أبي إسحاق (٦)،
(٢) قرأها الجحدري، والحسن بخلاف. انظر مصادر القراءة السابقة مع زاد المسير ٨/ ٣٨٣.
(٣) المحتسب الموضع السابق.
(٤) سورة البلد، الآية: ٦.
(٥) هذه قراءة العشرة غير أبي جعفر، وعاصم، وحمزة فقد قرؤوا بـ (قل) على الأمر. انظر القراءتين في السبعة/ ٦٥٧/. والحجة ٦/ ٣٣٣. والمبسوط/ ٤٤٩/. والتذكرة ٢/ ٦٠١.
(٦) معانيه ٥/ ٢٣٧.