﴿إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا (٦) إِنَّ لَكَ فِي النَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا (٧) وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا (٨) رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا (٩)﴾:
قوله عز وجل: ﴿إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا﴾ (وطئًا) و (قِيلًا) منصُوبان على التمييز. ووَطْءٌ فَعْلٌ، وأصل الوَطْء: الثقل، ومنه قوله عليه الصلاة والسلام: "اللهمَّ اشْدُدْ وطأتَكَ على مُضَر" (١). وهو مصدر وَطِئَ يَطَأُ وَطْئًا بفتح الواو وإسكان الطاء. و (وِطاء) بكسر الواو والمد فِعال (٢)، وهو مصدر وَاطَأتُه على كذا، إذا وافقته عليه، مواطأةٌ ووطاءً، والمعنى: أشد مهادًا للتصرف في التفكر والتدبر.
وقوله: ﴿سَبْحًا﴾ الجمهور على الحاء المهملة، وهو الذهاب والمجيء، أي: متقلبًا، أي: متصرفًا فيما تريد، وقرئ: (سبخا) بالخاء معجمة (٣)، وهو التخفيف، يقال: سَبَّخَ عنه، إذا خَفَّفَ، ومنه قوله عليه الصلاة والسلام حين سمع عائشة رضي الله عنها وعن أبيها وهي تدعو على سارق سرقها: "لا تسبخي عنه بدعائك عليه" (٤)، أي: لا تخففي عنه إثمه. أي: إن لكَ في النهارِ سَعَةٌ.
(٢) هذه قراءة أبي عمرو، وابن عامر. وقرأ الباقون بالأولى. انظر السبعة/ ٦٥٨/. والحجة ٦/ ٣٣٥. والمبسوط / ٤٥١/. والتذكرة ٢/ ٦٠٢.
(٣) قرأها يحيى بن يعمر كما في إعراب النحاس ٣/ ٥٣٢. ومختصر الشواذ/ ١٦٤/. وإعراب القراءات ٢/ ٤٠٥. والمحرر الوجيز ١٦/ ١٤٨. والقرطبي ١٩/ ٤٢. ونسبت في زاد المسير ٨/ ٣٩٢ إلى علي، وابن مسعود - رضي الله عنهما -، وأبي عمران، وابن أبي عبلة.
(٤) كذا بتمامه أخرجه أبو عبيد في غريب الحديث ١/ ٣٣. وأخرجه الإمام أحمد في المسند ٦/ ٤٥ - ١٣٦. وأبو داود في الصلاة (١٤٩٧) والأدب (٤٩٠٩) بلفظ (لا تسبخي عنه) فقط.