عن الشيء، إذا ضعف عنه، ورجل منين، أي ضعيف، كأن الدهر مَنَّهُ، أي: ذهب بِمُنَّتِه، أي بقوته.
وقرئ: (تَسْتَكْثرْ) بإسكان الراء (١)، وذلك يحتمل أوجهًا:
أن يكون بدلًا من قوله: ﴿وَلَا تَمْنُنْ﴾ كأنه قيل: لا تستكثر، لأن البدل قد يكون على تقدير حذف الأول، نحو: ضربت أخاك زيدًا، وقد لا يكون، نحو: الذي مررت به أبي محمد قائم. وأنكر أبو حاتم الجزم على البدل، وقال: لأن المن ليس بالاستكثار فيبدل منه (٢)، فأجيب عنه بما ذكرت آنفًا من أن البدل قد يكون على تقدير حذف الأول، وأنه من المن في قوله سبحانه: ﴿ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى﴾ (٣) لأن من شأن المنان بما يعطي أن يستكثره، أي: يراه كثيرًا.
وأن يكون أُسْكِنَ تخفيفًا لثقل الضمة مع كثرة الحركات، لا أن يُشَبَّهَ (ثِرْوَ) بـ (عَضُد) فيسكن تخفيفًا كما زعم الزمخشري (٤) لعدم مثال (فِعْل) في الكلام، وأن يجري الوصل مجرى الوقف، وله نظائر في التنزيل.
وأن يكون مجزومًا على الجواب على أنه من المَنّ في قوله تعالى: ﴿لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى﴾ (٥)، على معنى: إلّا تمن بعطيتك تزددْ من الثواب الجزيل، لسلامة ذلك من الإبطال بالمن، مِنْ مَنَّ عليه مِنَّةً، إذا امتن
(٢) انظر استنكار أبي حاتم في المحتسب ٢/ ٣٣٨ أيضًا.
(٣) سورة البقرة، الآية: ٢٦٢.
(٤) الكشاف ٤/ ١٥٧ ومعنى كلام الزمخشري كما شرحه السمين ١٠/ ٥٣٧: أن تأخذ من مجموع (تستكثر) ومن الكلمة بعده - وهو الواو - ما يكون فيه شبيهًا بـ (عَضُد)... فأخذ بعض (تستكثر) وهو الثاء والراء، وحرف العطف من قوله: ﴿وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ﴾.
(٥) سورة البقرة، الآية: ٢٦٤.