العين (١)، ووجهه عندي: أن يكون الواو معتدًا به من وجهٍ، لأنه إذا لم يكن مركبًا فإن العطف فيه واجب لتكميل العدة. وغير معتد به من وجهٍ لأجل سكون العين، لأن سكونه إنما يسوغ مع التركيب، فلما سمع فيه سكونه في قراءة من قرأ: (تِسْعَةَ عْشَرَ) (٢) لتوالي الحركات، لاحظ سكونه ثَمَّ، فأقره عليه، فكأنه من التداخل.
وقرئ: أيضًا (تسعةُ أَعْشُرٍ) برفع التاء وبعدها همزة مفتوحة وإسكان العين وضم الشين، وجر الراء منونًا (٣)، على أنه جمع عشير، كأيمن في جمع يمين. وفيه قراءات أخر لا تخرج عما ذكرت، فلذلك أضربت عنها (٤).
﴿وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا وَلَا يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ (٣١)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً﴾ في الكلام حذف مضاف تقديره: وما جعلنا خزنة أصحاب النار وما جعلنا ذكر عدتهم أو بيان عدتهم، فحذف المضاف، والعِدّة العدد. و ﴿مَلَائِكَةً﴾ مفعول ثان، وكذا ﴿فِتْنَةً﴾، و ﴿أَصْحَابَ﴾: جمع صحب، لأن أفعالًا ليس بجمع فاعل من غير حذف.
(٢) هو أبو جعفر، وقد تقدمت قراءته قبل قليل.
(٣) كذا هذه القراءة في الكشاف ٤/ ١٥٩ دون نسبة، وهي رواية أخرى عن أنس - رضي الله عنه -، حكاها المهدوي كما في القرطبي ١٩/ ٨١. ونسبت في البحر ٨/ ٣٧٩. والدر ١٠/ ٥٤٨ إلى سليمان بن قتة الذي مدح أهل البيت في أبيات، انظرها في مختصر ابن خالويه/ ١٦٤/. والبحر ٨/ ٣٧٩.
(٤) انظرها في المختصر، والقرطبي، والبحر، والدر المواضع السابقة.