قوله عز وجل: ﴿وَالْقَمَرِ﴾ جَرٌّ بواو القسم، وجوابه: ﴿إِنَّهَا لَإِحْدَى الْكُبَرِ﴾، أي: إن سقر أو النار - وقد جرى ذكرهما - لَإحدى العظائم التي خلقها الله جل ذكره للتعذيب.
و﴿الْكُبَرِ﴾ جمع الكبرى. قيل: جعلت ألف التأنيث كتائها، فكما جمعت فُعْلة على فُعَل، جمعت فُعْلى عليها، ونظير ذلك: القواصع في جمع القاصعاء، كأنها جمع فاعلة (١).
وقرئ: (دَبَرَ وأَدْبَرَ) (٢)، لغتان بمعنى، أي: ولَّى وذهب. و (إذ) و (إذا) (٣) والعامل فيهما معنى القسم، أعني في إذ وإذا على القراءتين.
وقوله: ﴿نَذِيرًا﴾ الجمهور على نصبه وهو الوجه لأجل الرسم، وفيه أربعة أوجه:
أحدها: حال، وفي ذي الحال أوجه، أحدها: المنوي في ﴿قُمْ﴾، والثاني: المستكن في ﴿فَأَنْذِرْ﴾، وكلاهما فيه بعد للبعد. والثالث: هو في قوله: ﴿وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ﴾، وفيه ما فيه عند من تأمل. والرابع: اسم (إن) في قوله: ﴿إِنَّهَا﴾، وليس بشيء لعدم العامل. والخامس: المستتر في (إحدى). والسادس: الذكر في ﴿الْكُبَرِ﴾. والسابع: محذوف يدل عليه معنى قوله: ﴿إِنَّهَا لَإِحْدَى الْكُبَرِ﴾، أي: عظمت منذرًا، هذا على قول من

(١) انظر الكشاف ٤/ ١٦١. وقال الجوهري (قصع): والقاصعاء جُحْرٌ من جِحَرَةِ اليرابيع الذي تقصع فيه، أي تدخل. والجمع: قواصع، شبهوا فاعلاء بفاعلة، وجعلوا ألفي التأنيث بمنزلة الهاء.
(٢) كلاهما من المتواتر كما سوف أخرج.
(٣) قرأ أبو جعفر، وابن كثير، وابن عامر، وأبو عمرو، والكسائي، وأبو بكر عن عاصم: (والليل إذا دَبَر). وقرأ نافع، وحمزة، ويعقوب، وخلف، وحفص عن عاصم: (والليل إذ أدبر). وانظر القراءتين في السبعة / ٦٥٩/. والحجة ٦/ ٣٣٨. والمبسوط / ٤٥٢/. والتذكرة ٢/ ٦٠٤.


الصفحة التالية
Icon