بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا (٦)}:
قوله عز وجل: ﴿إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ﴾ (الأبرار) يجوز أن يكون جمع بارٍّ، كأصحاب في جمع صاحب، وأن يكون جمع بَرٍّ، كأرباب في جمع رَبٍّ. وفي مفعول ﴿يَشْرَبُونَ﴾ وجهان:
أحدهما: محذوف وهو الوجه لأجل مذهب صاحب الكتاب رحمه الله، لأن (مِنْ) لا تزاد عنده في الواجب، و ﴿مِنْ كَأْسٍ﴾ في موضع نصب، إما على الحال إن قدرتَ يشربون الخمر، أو على الصفة إن قدرتَ يشربون خمرًا.
والثاني: هو (من كأس)، يعضده قول قتادة: الكأس ها هنا المراد بها الخمر (١)، وقول الضحاك: كل كأس في القرآن فإنما عُنِي بها الخمر (٢). و (مِنْ) على هذا الوجه صلة.
وقوله: ﴿كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا﴾ (كانَ) وما اتصل بها في موضع الصفة لـ ﴿كَأْسٍ﴾.
وقوله: ﴿عَيْنًا﴾ نصبها يحتمل أوجهًا:
أن يكون بدلًا من ﴿كَأْسٍ﴾ على المحل، على قول من قال: الكافور هنا هو الذي من الطيب (٣)، وإنما مزج بها الكافور لطيب ريحه وبرده، وفي الكلام حذف مضاف والتقدير: يشربون خمرًا خمر عين.
وأن يكون بدلًا من ﴿كَافُورًا﴾ على قول من قال: الكافور عين في الجنة اسمها كافور (٤)، والمعنى: كان مزاج هذه الخمر من كافور، أي: من
(٢) كذا عنه في النكت والعيون ٦/ ١٦٥.
(٣) هذا قول مجاهد، وقتادة كما في جامع البيان ٢٩/ ٢٠٧.
(٤) هذا قول الكلبي كما في النكت والعيون ٦/ ١٦٥.