والدال على البناء للفاعل، وفيه وجهان:
أحدهما: الطائفون بها، دل عليهم، ﴿وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ﴾ أي: قدر الطائفون تلك الأكواب على قَدْرِ رِيِّهم وكفايتهم من غير زيادة ولا نقصان.
والثاني: أهل الجنة، أي: قدروها في أنفسهم فجاءت على ما قدروها.
وقرئ: (قُدِّروها) بضم القاف وكسر الدال على البناء للمفعول (١)، قيل: ووجهه أن يكون من قَدَّرَ منقولًا من قَدَرَ بالتخفيف، تقول: قَدَرْتُ الشيءَ وقَدَرَنِيهِ فلان، إذا جعلك قادِرًا له، أي: جُعلوا قادرين لها كما شاؤوا، وأطلق لهم أن يَقْدِروا على حسب ما اشتهوا.
وقوله: ﴿عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا﴾ القول في نصْب عين كالقول في قوله: ﴿عَيْنًا يَشْرَبُ﴾ (٢). و ﴿سَلْسَبِيلًا﴾: مفعُول ثان لقوله: ﴿تُسَمَّى﴾ أي: تسمّى تلك العين سلسبيلًا. والجمهور على صرفه وهو اسم واحد، ووزنه فَعْلَلِيل كدَرْدَبِيس (٣) من السلاسة، يقال: ماء سلسل، وسلسال، وسلسبيل إذا كان سهل الدخول في الحلق لعذوبته وصفائه.
قيل: وقد زيدت الباء في التركيب حتى صارت الكلمة خماسية، ودلت على غاية السلاسة (٤).
(٢) انظر إعرابه للآية (٦).
(٣) الدردبيس: الداهية، والشيخ الهِمّ، والعجوز، واسم خَرَزَة. الصحاح (دربس). وفي الأصل: (دردريس). لم أجدها.
(٤) قاله الزمخشري ٤/ ١٧٠.