﴿وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا (١٩) وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا (٢٠) عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُنْدُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا (٢١) إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُورًا (٢٢)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ﴾ (رأيت) هنا يتعدى إلى مفعول واحد، لأنه من رؤية العين، وفي مفعُوله وجهان:
أحدهما: ﴿ثَمَّ﴾ وهو اسم لا ظرف، والمعنى: وإذا رأيت ذلك الموضع.
والثاني: محذوف، و ﴿ثَمَّ﴾ ظرف مكان، والتقدير: وإذا رأيت الأشياء ثَمَّ، و ﴿ثَمَّ﴾ على هذا في موضع النصب على الظرف.
وعن الفراء: التقدير: وإذا رأيت ما ثَمَّ (١)، فما موصول في موضع نصب لكونه مفعول ﴿رَأَيْتَ﴾ و ﴿ثَمَّ﴾ صلته، ثُم حذفت (ما) وأقيم ﴿ثَمَّ﴾ مقامه، وهذا عند أصحابنا خطأ، لأنه لا يجوز عندهم حذف الموصول وإقامة الصلة مقامه (٢).
وقيل: لا مفعولَ له ظاهرًا ولا مقدرًا ليشيع ويعم، كما تقول: ظننت في الدار وحسبت (٣).
وقوله: ﴿رَأَيْتَ نَعِيمًا﴾ هذا هو جواب ﴿إِذَا﴾ وعامله، ولهذا لم يجز الوقوف على ﴿ثَمَّ﴾، وقد أجاز بعضهم: الوقف عليه على أن جواب ﴿إِذَا﴾ محذوف، والتقدير: وإذا رأيت الجنة، أو في الجنة - على ما ذكر وأوضح آنفًا - رأيت ما لا تدركه عيون بشر، ولا تبلغه علوم أحد. والوجه هو الأول، وعليه الجل.
(٢) كذا حكى النحاس ٣/ ٥٧٩ عن البصريين أيضًا.
(٣) انظر النحاس ٣/ ٥٧٩. ومكي ٢/ ٤٣٩. والزمخشري ٤/ ١٧٠.