وقوله: ﴿عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُنْدُسٍ﴾ قرئ: بفتح الياء (١)، وفيه وجهان:
أحدهما: أنه حال إما من الضمير المنصُوب في ﴿وَلَقَّاهُمْ﴾ (٢) أو في ﴿وَجَزَاهُمْ﴾ (٣)، وإما من المجرور في قوله: ﴿وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ﴾، أي: يعلوهم في هذه الحالة ثياب سندس، فيرتفع ﴿ثِيَابُ سُنْدُسٍ﴾ باسم الفاعل المنصوب على الحال. و ﴿عَالِيَهُمْ﴾ نكرة يراد به الانفصال لكونه في معنى الاستقبال، فلذلك جاز نصبه على الحال لكونه نكرة، أي: عاليًا إياهم ثياب سندس. وقد جوز الزمخشري أن يكون حالًا من الضمير المنصُوب في ﴿حَسِبْتَهُمْ﴾ (٤)، وليس بالمتين لاشتمال الحسبان على الحال كاشتماله على مفعوليه، فاعرفه فإن فيه أدنى غموض، وأيضًا فإن وصف الولدان بالثياب الموصوفة دون الأبرار، فيه ما فيه.
والثاني: ظرف مكان بمعنى فوقهم، فهو منصوب بكونه ظرفًا، كأنه قيل: فوقهم ثياب سندس، فـ ﴿ثِيَابُ سُنْدُسٍ﴾ على هذا مبتدأ، وخبره ﴿عَالِيَهُمْ﴾، ولك أن ترفع ﴿ثِيَابُ سُنْدُسٍ﴾ بالظرف على قول من يرى ذلك، فلا ذكر على هذا في الظرف، وقد جوز أن يكون ﴿عَالِيَهُمْ﴾ وإن كان ظرفًا عاملًا الرفعَ في ﴿ثِيَابُ سُنْدُسٍ﴾ إذا جعلته في موضع الحال، وإن كان في اللفظ ظرفًا.
وقرئ: (عالِيْهم) بإسكانها (٥)، وذلك يحتمل وجهين: أن يكون مبتدأ - وهو الجيد - وخبره ﴿ثِيَابُ سُنْدُسٍ﴾ واسم الفاعل يراد به الجمع، كالذي في

(١) هذه قراءة أكثر العشرة كما سوف أخرج.
(٢) من الآية (١١).
(٣) من الآية (١٢).
(٤) الكشاف ٤/ ١٧١.
(٥) قرأها المدنيان، وحمزة، والباقون على فتحها. انظر السبعة/ ٦٦٤/. والحجة ٦/ ٣٥٤. وسقط منها اسم حمزة، والمبسوط/ ٤٥٥/. والتذكرة ٢/ ٦٠٨. والنشر ٢/ ٣٩٦.


الصفحة التالية
Icon