قوله عز وجل: ﴿سَامِرًا تَهْجُرُونَ﴾ (١).
فإن قلت: ما حملك على أن تجعله في معنى الجمع؟ قلت: لأن خبره جمع، وإذا كان الخبر جمعًا، يجب أن يكون المخبر عنه أيضًا جمعًا أو في معنى الجمع.
فإن قلت: قد ذكرت قبيل أن الإضافة في ﴿عَالِيَهُمْ﴾ في تقدير الانفصال، لأنه لم يمض، فلذلك جاز نصبه على الحال لكونه نكرة، فكيف جاز الابتداء بالنكرة؟ قلت: لأن فيه تخصيصًا ما بالإضافة، إذ صار في ظاهر اللفظ، كلفظ المعرفة، فلذلك جاز الابتداء به. ويجوز على قياس قول الأخفش في قائم أخواك، وإعمال اسم الفاعل عمل الفعل وإن لم يعتمد على الشيء أن يكون أفرد، لأنه فعل متقدم، و ﴿ثِيَابُ سُنْدُسٍ﴾ مرتفعة به على الفاعلية، أي: تعلوهم ثياب سندس، تعضده قراءة من قرأ: (عاليَتُهم) بفتح الياء وتاء بعدها مضمومة على تأنيث الجماعة كقوله: ﴿خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ﴾ (٢) وهم ابن مسعود رضي الله عنه، وابن وثاب، والأعمش (٣)، وأن يكون الياء أسكن تخفيفًا فيكون القول فيه كالقول فيمن فتحه، فاعرفه.
وقوله: ﴿خُضْرٌ﴾ قرئ: بالرفع، على أنه صفة ل ﴿ثِيَابُ﴾، كقوله: ﴿وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا﴾ (٤)، وبالجر (٥)، على أنه صفة لـ ﴿سُنْدُسٍ﴾.
(٢) سورة القلم، الآية: ٤٣.
(٣) انظر قراءتهم في معاني الفراء ٣/ ٢١٩. وإعراب النحاس ٣/ ٥٨١. والمحرر الوجيز ١٦/ ١٩٢. والقرطبي ١٩/ ١٤٥. ونسبت في زاد المسير ٨/ ٤٣٩ إلى الجعفي عن أبي بكر.
(٤) سورة الكهف، الآية: ٣١.
(٥) هذه قراءة ابن كثير، والكوفيين عدا حفصًا. وقرأ الباقون، وحفص بالرفع. انظر السبعة / ٦٦٥/. والحجة ٦/ ٣٥٦ - ٣٥٧. والمبسوط/ ٤٥٥/. والتذكرة ٢/ ٦٠٨ - ٦٠٩. والنشر ٢/ ٣٩٦.