وقيل: اللام بمعنى إلى (١)، وهو من التعسف عند من تأمل.
﴿وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (١٥) أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ (١٦) ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ (١٧) كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ (١٨) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (١٩) أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ (٢٠) فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (٢١) إِلَى قَدَرٍ مَعْلُومٍ (٢٢) فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ (٢٣) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٢٤)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ﴾ (ويل) مبتدأ، و ﴿يَوْمَئِذٍ﴾ يجوز أن يكون من صلته على أنه ظرف له، وأن يكون من صلة محذوف على أنه نعت له. ﴿لِلْمُكَذِّبِينَ﴾: الخبر. قيل: وإنما جاز أن يكون مبتدأ وهو نكرة، لأنه في أصله مصدر منصوب سادّ مَسَدَّ فعله، ولكنه عدل به إلى الرفع للدلالة على معنى ثبات الهلاك ودوامه للمدعو عليه، ومثله: ﴿سَلَامٌ عَلَيْكُمْ﴾ (٢).
ويجوز في الكلام نصبه فيقال: ويلًا له، وأما في القرآن فلا، لأن القراءة سنة متبعة يأخذها الخلف عن السلف من غير اعتراض. وحكم ما بعده إلى آخر القرآن حكمه في الإعراب، فاعرفه (٣).
وقوله: ﴿أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ﴾ الجمهور على ضم النون من أهلكه، وهو الوجه بشهادة قوله: ﴿وَكَمْ أَهْلَكْنَا﴾ (٤)، ﴿إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ﴾ (٥)، وقرئ: (ألم نَهلك) بفتح النون (٦)، من هَلَكَه بمعنى أَهْلَكَهُ، لغية لبعض العرب، يقال: هلكني زيد، من باب سكب الماء وسكبته، ورجع فلان ورجعته.
والمراد بالأولين: الأمم الماضون من الكفرة، كقوم نوح وعاد وثمود،
(٢) سورة الزمر، الآية: ٧٣.
(٣) انظر هذا القول في إعراب (ويل) في الكشاف ٤/ ١٧٣.
(٤) سورة الإسراء، الآية: ١٧.
(٥) سورة الملك، الآية: ٢٨.
(٦) قرأها قتادة كما في مختصر الشواذ / ١٦٧/. والكشاف ٤/ ١٧٣. والبحر ٨/ ٤٠٥.