وهو من كَفَتَ الشَّيءَ يَكْفِتُهُ كَفْتًا، إذا ضَمَّه وجمعه، وفي الحديث: "اكلفِتُوا صِبيانكم بالليل، فإنّ للشيطان خَطْفة" (١). وقيل: هو مصدر كالكتابة والكراب. وقيل: الكِفات الأوعية واحدها كِفْت (٢).
فإذا فهم هذا فقوله عز وجل: ﴿أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا﴾ إنْ شئت نصبتهما بنفس كفات على أنهما مفعولان، على معنى: كافتة أحياءً وأمواتًا. وإن شئت أبدلتهما منها، كأنه قيل: ألم نجعل الأرض أحياء وأمواتًا؟ وإن شئت جعلتهما حالين إما من معمول الكفات كأنه قيل: كافتة الخلق أو الناس أحياء أو أمواتًا، أو تكفتكم أحياء وأمواتًا، وإما من الأرض، أي: منها كذا، ومنها كذا، والمراد: وما ينبت من الأرض وما لا ينبت، لأن حياة الأرض بالنبات، وموتها بالخراب والجفاف. وإن شئت نصبتهما بنفس الجعل على أنه مفعول ثانٍ له، على معنى: جعلنا بعض الأرض أحياء بالنبات، وبعضها أمواتًا بالخراب والجفاف، و ﴿كِفَاتًا﴾ على هذا حال من الأرض، أي: في حال كونها ضامّة جامعة للخلق، وتكون الحال مقدرة، فاعرفه فإنه موضع (٣).
وقوله: ﴿شَامِخَاتٍ﴾ صفة لـ ﴿رَوَاسِيَ﴾. والتاء في فرات أصلٌ والفرات في اللغة: أعذب العذوبة، يقال: ماء فرات، ومياه فرات.
وقوله: ﴿انْطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ﴾ الجمهور على كسر اللام على الأمر كالأول، وقرئ: (انطلَقوا) بفتحها على لفظ الماضي (٤)، على وجه الإخبار
(١) من حديث صحيح أخرجه البخاري في بدء الخلق، باب إذا وقع الذباب في شراب أحدكم فليغمسه | (٣٣١٦). وأبو داود في كتاب الأشربة باب في إيكاء الآنية (٣٧٣٣). |
(٣) انظر إعراب النحاس ٣/ ٥٩٥. والكشاف ٤/ ١٧٤. والبيان ٢/ ٤٨٧ - ٤٨٨. والتبيان ٢/ ١٢٦٤.
(٤) قراءة صحيحة لرويس عن يعقوب. انظر المبسوط/ ٤٥٧/. والتذكرة ٢/ ٦١٠. والنشر ٢/ ٣٩٧.