قيل: وإنما جاز ذلك وإن كان البعث في النفخة الثانية ولا يبعثون عند النفخة الأولى وبينهما أربعون سنة على ما فسر (١)، لأن المعنى: لتبعثن في الوقت الواسع الذي تقع فيه النفختان، وهو تبعثون في بعض ذلك الوقت الواسع، وهو وقت النفخة الأخرى، ودل على ذلك أن قوله: ﴿تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ﴾ جُعل حالًا من ﴿الرَّاجِفَةُ﴾.
وأما من قال: إن جواب القسم ﴿يَوْمَ تَرْجُفُ﴾ أو ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً﴾، فإن قوله: ﴿يَوْمَ تَرْجُفُ﴾ هو ظرف لقوله: ﴿وَاجِفَةٌ﴾، أي: يوم ترجف الراجفة وجفت قلوبهم، و ﴿يَوْمَئِذٍ﴾ بدل من ﴿يَوْمَ تَرْجُفُ﴾ على سبيل التأكيد. يقال: وجَفَ القَلْبُ يَجِفُ، إذا خَفَقَ، وَجْفًا ووجِيفًا، وأصله: الانزعاج والاضطراب، ومنه الإيجاف في السير، للإسراع.
وقوله: ﴿قُلُوبٌ﴾ رفع بالابتداء، و ﴿وَاجِفَةٌ﴾ خبرها، أو صفتها و ﴿أَبْصَارُهَا خَاشِعَةٌ﴾ خبرها.
وقوله: ﴿أَإِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ﴾ الجمهور على إثبات الألف بعد الحاء، وقرئ: (في الحَفِرَةِ) بغير الألف (٢)، وفيه وجهان، أحدهما: مقصور من الحافرة. والثاني: هو من قولهم: حَفِرَتْ أسنانُه، إذا ركبها الوسخ في ظاهرها وباطنها، فالحَفِرَةُ على هذا: الأرض المنتنة، لفسادها بأخباثها وبأجسام الموتى فيها، كلاهما قاله أبو الفتح (٣).
وقوله: ﴿أَإِذَا كُنَّا﴾ معمول لقوله: ﴿لَمَرْدُودُونَ﴾ على قراءة من قرأ: (إذا) على الخبر وأما من قرأ: (أإذا) على الاستفهام (٤)، فعامله محذوف يدل
(٢) قرأها أبو حيوة كما في مختصر الشواذ / ١٦٨/. والمحتسب ٢/ ٣٥٠. والكشاف ٤/ ١٨١. والمحرر الوجيز ١٦/ ٢٢١.
(٣) المحتسب الموضع السابق.
(٤) قرأ نافع، وابن عامر، والكسائي، ويعقوب: (إذا) غير مستفهم على الخبر. وقرأ=