وقوله: ﴿اذْهَبْ﴾ على إرادة القول، أي: ناداه فقال: اذهب، يجوز أن يكون من صلة ناداه لأن النداء نوع من القول، تعضده قراءة من قرأ: (أن اذهب) بزيادة (أن) وهو عبد اللَّه بن مسعود رضي الله عنه (١)، لأن (أن) إذا كانت بمعنى (أي) المفسرة لا تقع إلا بعد القول أو ما كان في معنى القول.
وقوله: ﴿هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى﴾ أي: هل لك مَيْلٌ إلى أن تزكى؟ أي إلى التزكية، والأصل: تتزكى، فحذفت إحدى التاءين. ﴿وَأَهْدِيَكَ﴾ عطف على ﴿أَنْ تَزَكَّى﴾ أي: هل لك ميل إلى الإيمان؟ وقوله: ﴿يَسْعَى﴾ في موضع الحال.
وقوله: ﴿فَحَشَرَ﴾ أي: فحشر قومه.
وقوله: ﴿نَكَالَ الْآخِرَةِ﴾ مصدر مؤكد لفعله، وفعله (أخذ) حملًا على المعنى، لأن الأخذ هنا عقوبة، فكأنه قيل: نكّل به نكّال الآخرة، أي: تنكيلها، والنكال بمعنى التنكيل، كالكلام بمعنى التكليم. وقيل: نعت لمصدر محذوف: أخذًا نكالًا. وقيل: مفعول له (٢).
فإن قلت: ﴿الْآخِرَةِ وَالْأُولَى﴾ صفة لماذا؟ قلت: للكلمة، والتقدير: نكال الكلمة الآخرةِ والكلمة الأولى، فالأولى قوله: ﴿مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي﴾ (٣) والآخرة قوله: ﴿أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى﴾، كذا روي عن ابن عباس رضي الله عنهما (٤). وقيل: التقدير نكال الدار الآخرة، وهي النار، ﴿وَالْأُولَى﴾ يعني الإغراق في الدنيا (٥).
(٢) الوجه الأول للزجاج ٥/ ٢٨٠. والثاني للفراء ٣/ ٢٣٣. وانظر القول الأخير في مشكل مكي ٢/ ٤٥٥
(٣) سورة القصص، الآية: ٣٨.
(٤) أخرجه الطبري ٣٠/ ٤١ عنه وعن غيره.
(٥) هذا قول قتادة. انظر جامع البيان الموضع السابق. والنكت والعيون ٦/ ١٩٨.