أحدهما: تعجب مردود إلى المخلوقين، على معنى: تعجبوا من إفراطه في كفران نعمة الله. والثاني: استفهام بمعنى التقرير والتوبيخ، أي: أيّ شيء حمله على الكفر؟.
وقوله: ﴿مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ﴾ (مِن) من صلة ﴿خَلَقَهُ﴾، وهو استفهام بمعنى التقرير والتقريع.
وقوله: ﴿مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ﴾ هذا جواب الاستفهام وتبيين له، أي: أليس خلقه من نطفة؟
وقوله: ﴿ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ﴾ يجوز أن يكون الضمير المنصوب في ﴿يَسَّرَهُ﴾ للسبيل، فينتصب ﴿السَّبِيلَ﴾ بمضمر يدلى عليه هذا الظاهر، والتقدير: ثم يسر السبيلَ له، أي للإنسان، فحذف الجار والمجرور لحصول العلم به، يعني سهل سبيله، وهو مخرجه من بطن أمه، عن ابن عباس رضي الله عنهما (١).
وأن يكون للإنسان فينتصب السبيل بحذف الجار، والتقدير: ثم للسبيل يسره، أي: يسره للسبيل، فالضمير هو المفعول الأول، و ﴿السَّبِيلَ﴾ هو الثاني، يعني: يسره لطريق الخير والشر، كقوله: ﴿إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا (٣)﴾ [الإنسان: ٣] عن مجاهد (٢). ولك أن تقدر اللام مع الضمير لا مع ﴿السَّبِيلَ﴾، والتقدير: ثم السبيل يسر له، أي: ثم يسر له السبيل، أي: سهل له سبيل الدين، فحذف الجار وأوصل الفعل، فاعرفه فإنه موضع.
وقوله: ﴿ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ﴾ الجمهور على الألف، أي: أحياه بعد الموت، وقرئ: (نَشَرَهُ) بغير ألف (٣)، وهي لغية في معناه، يقال: أنشر الله الموتى إنشارًا، ونشرهم نشرًا، غير أن الإنشار أشهر، وعليه الأكثر.

(١) أخرجه الطبري ٣٠/ ٥٥ عنه وعن السدي، وقتادة.
(٢) أخرجه الطبري مع شاهده في الموضع السابق أيضاف. والآية من سورة الإنسان (٣).
(٣) قرأها أبو حيوة عن نافع، وشعيب بن أبي حمزة. انظر المحتسب ٢/ ٣٥٣. والمحرر الوجيز ١٦/ ٢٣٣. والقرطبي ١٩/ ٢١٩.


الصفحة التالية
Icon