جُمْلٌ قُتلتْ، وهِنْدٌ ضربتْ، فبقي ﴿سُئِلَتْ﴾ كما ترى.
وقيل: المنوي في ﴿سُئِلَتْ﴾ للقتلة، وإن لم يجر لها ذكر، لأن المعنى يدل عليها، والتقدير: وإذا الموءودة سُئِلَتِ القتلةُ لم قتلوها؟
وقيل: المعنى وإذا الموءودة سئلتْ أن تَدَّعِي على الوائد، أي: طُلب منها أن تدعي عليه تبكيتًا له، من قولهم: سَأَلْتُهُ حقي، أي: طلبته منه.
وقرئ: (سَأَلَتْ) بفتح السين والهمزة على البناء للفاعل، (بأي ذنب قُتِلْتُ)؟ بضم التاء (١)، على معنى: خاصمتْ عن نفسها، وسألت ربها أو قاتلها.
وبعد، فإن الموءودة هي المدفونة حية، وفعلها: وَأَدَ، يقال: وَأَدَ بنتهُ يئدُها وَادًا، فهو وائد، وهي موءودة، إذا دفنها وهي حية. قال الفرزدق:

٦٢٥ - وَمِنَّا الذي مَنَعَ الوائِداتِ فَأَحْيَا الوَئِيدَ فَلَمْ يُوأَدِ (٢)
يعني جده صعصعة بن ناجية. وسميت موءودة لأنها مثقلة بالتراب الذي يُجعل عليها بالدفن، يقال: آده يؤوده، إذا أثقله. وفي التنزيل: ﴿وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا﴾ (٣) أي: لا يثقله، فاعرفه.
﴿فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ (١٥) الْجَوَارِ الْكُنَّسِ (١٦) وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ (١٧) وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ (١٨) إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (١٩) ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ (٢٠) مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ (٢١)﴾:
(١) نسبت هذه القراءة إلى ابن عباس، وأُبي، وعلي، وابن مسعود وعن عشرة من أصحاب رسول الله - ﷺ - و - رضي الله عنهم -. انظرها في معاني الفراء ٣/ ٢٤٠. وجامع البيان ٣٠/ ٧١. وإعراب النحاس ٣/ ٦٣٥. ومختصر الشواذ / ١٦٩/. والكشاف ٤/ ١٨٨. والمحرر الوجيز ١٦/ ٢٤٠.
(٢) من قصيدة في الفخر والهجاء. وانظر الشاهد في العين ٨/ ٩٧. ومجاز القرآن ٢/ ٢٨٧. والكامل ٢/ ٥٩٦. ومعاني الزجاج ٥/ ٢٩٠. وجمهرة اللغة ١/ ٢٣٣. والمقاييس ٦/ ٨٧. والصحاح (وأد). والنكت والعيون ٦/ ٢١٤. والكشاف ٤/ ١٨٨.
(٣) سورة البقرة، الآية: ٢٥٥.


الصفحة التالية
Icon