وقوله: ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ﴾ تعظيم لشأنه، وفي الكلام حذف مضاف، إما من سجين، وإما من قوله: ﴿كِتَابٌ مَرْقُومٌ﴾ والتقدير: وما أدراك ما كتابُ سجين، ثم قال جل ذكره: ﴿كِتَابٌ مَرْقُومٌ﴾، أي: هو كتاب مرقوم، أي: كتابُ سجينٍ كتابٌ مرقومٌ، أو وما أدراك ما سجين كتاب مرقوم، أي: هو موضع كتاب، فحذف المضاف وهو كتاب، أو موضعٌ، لا بد من حذف المضاف إما من الأول وإما من الثاني ليكون هو هو.
وقيل: في الكلام تقديم وتأخير، والتقدير: إن كتاب الفجار لكتاب مرقوم في سجين، فلما تأخر الخبر وهو قوله: ﴿كِتَابٌ مَرْقُومٌ﴾ وتقدم عليه صلته وهي قوله: (في سجين) دخل اللام على الصلة، ومن حقه أن يدخل على الخبر وذلك لتقدم صلته عليه، كما تقول: [إن] (١) زيدًا لطعامك آكل، ولو تقدم الخبر على الصلة لدخل اللام على الخبر ولم يدخل على الصلة، فلا تقول: إنَّ زيدًا آكل لطعامك، فكذلك لو قال: إن كتاب الفجار كتاب مرقوم في سجين، لم يقل لفي سجين، ويجوز أن يكون ﴿لَفِي سِجِّينٍ﴾ هو الخبر، وكذا ﴿كِتَابٌ مَرْقُومٌ﴾ خبر بعد خبر، وقوله: ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ﴾ اعتراض بين الاسم والخبر، ولا حذف على هذا ولا تقديم ولا تأخير، فاعرفه فإنه موضع.
وكذا القول في قوله: ﴿إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ﴾ في جميع ما ذكرت، والمرقوم: المكتوب، وقيل: المختوم (٢).
وقوله: ﴿مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ (ما) هنا يجوز أن تكون مصدرية، وأن تكون موصولة وراجعها محذوف، ومحلها الرفع على الفاعلية على كلا التقديرين، أي: غلب على قلوبهم كسبهم، أو الذي كانوا يكسبونه.
(٢) هذا قول الضحاك كما في النكت والعيون ٦/ ٢٢٨.