هو اسم مفرد على لفظ الجمع كيبرين، وقنسرين، ومن هذا القبيل لفظ عشرين وثلاثين ونحوهما من أسماء العدد مما صيغته صيغة الجمع وليس له واحد، هذا على قول من جعله اسمًا للمكان، وأما من قال: إنه صفة للملائكة فهو جمع: عِلِّيٍّ، وهو المبالغ في العُلُوّ، لأن فِعِّيلًا بناء للمبالغة، والمعنى على هذا: إن كتاب الأبرار لفي ملائكة متناهين في العُلُوِّ والرِّفعة، يعني: عندهم وبين أيديهم، وإن جعلته اسم مكان فالحكم في إعرابه والتقدير كالحكم في قوله جل ذكره: ﴿كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ﴾ الآية.
﴿إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (٢٢) عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ (٢٣) تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ (٢٤) يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ (٢٥) خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ (٢٦) وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ (٢٧) عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ (٢٨)﴾:
قوله عز وجل: ﴿عَلَى الْأَرَائِكِ﴾ يجوز أن يكون خبرًا بعد خبر، وأن يكون حالًا من المنوي في الخبر، أو من الفاعل في ﴿يَنْظُرُونَ﴾.
وأما ﴿يَنْظُرُونَ﴾: فيجوز أن يكون مستأنفًا، وأن يكون حالًا من المنوي في الخبر، أو في الظرف إن جعلته حالًا، أي: ناظرين إلى ما أُعطوا، أو إلى أعدائهم من الكفار حين يُعَذَّبون على ما فسر (١).
وقوله: ﴿تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ﴾ الجمهور على البناء للفاعل في ﴿تَعْرِفُ﴾ ونَصْبِ ﴿نَضْرَةَ النَّعِيمِ﴾، أي: تعرف في وجوه أهل الجنة برقان النعيم وأثر اللذة، والمصدر الذي هو النضرة مضاف إلى الفاعل، ونَضَر فِعْلٌ يتعدى ولا يتعدى، تقول: نَضَرَ اللَّهُ وجهَهُ، ونَضَرَ وجهُهُ، نضرةً فيهما. وهنا لازم.

(١) هذا على قول مقاتل كما في معالم التنزيل ٤/ ٤٦١. وانظر المحرر الوجيز ١٦/ ٢٥٦. وزاد المسير ٩/ ٥٨.


الصفحة التالية
Icon