وقرئ: (تُعْرَفُ) على البناء للمفعول (نَضْرَةُ النَّعِيمِ) بالرفع (١)، ووجهه ظاهر. ويجوز في الكلام (يُعْرَفُ) بالياء النقط من تحته مكان التاء (٢)، إما لأجل الفصل، وإما لكون التأنيث غير حقيقي، أو لأجل أن النضرة والتنعم بمعنىً.
وقوله: ﴿يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ﴾ في موضع نصب على أنه مفعول ثان لـ ﴿يُسْقَوْنَ﴾.
وقوله: ﴿خِتَامُهُ مِسْكٌ﴾ ابتداء وخبر، وقرئ: (خِتَامه) بكسر الخاء وفتح التاء وألف بعدها، و (خَاتَمه) بفتح الخاء والتاء بينهما ألف (٣)، فالختام: المصدر، والخاتَم: الاسم، كالطابَع، والخاتِم بكَسر التاء: اسم الفاعل، وبه قرأ بعض القراء (٤)، ومعانيها متقاربة.
وقوله: ﴿وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ﴾ ابتداء وخبر، أي: ومزاج هذا الرحيق المختوم من عين في الجنة اسمها (تسنيم)، قيل: وهو عَلَمٌ لعين بعينها سميت بالتسنيم الذي هو مصدر سَنَّمَهُ، إذا رفعه، إما لأنها أرفع شراب في الجنة كما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما (٥)، أو لأنها تأتيهم من فوق، على ما روي أنها تجري في الهواء متسنمة فَتَنْصبُّ في أوانيهم (٦)، ومنه: تسنمت الجبلَ، إذا علوته، ومنه سنام البعير، لعلوه من بدنه.

(١) من المتواتر أيضًا، لأبي جعفر، ويعقوب. انظرها مع قراءة الباقين في المبسوط / ٤٦٨/. والتذكرة ٢/ ٦١٩. والنشر ٢/ ٣٩٩.
(٢) بل هي قراءة كما في المحرر الوجيز ١٦/ ٢٥٦. ونسبها أبو حيان ٨/ ٤٤٢ إلى زيد بن علي. وقال السمين ١٠/ ٧٢٤: علي بن زيد.
(٣) القراءتان من المتواتر، فقد قرأ الكسائي وحده: (خاتَمُهُ). وقرأ الباقون: (ختامُهُ). انظر السبعة/ ٦٧٦/. والحجة ٦/ ٣٨٦ - ٣٨٧. والمبسوط / ٤٦٨/. والتذكرة ٢/ ٦١٩.
(٤) رواية عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -، والكسائي، والضحاك، والنخعي، والشيزري. انظر المحرر الوجيز ١٦/ ٢٥٧. وزاد المسير ٩/ ٥٩. والبحر ٨/ ٤٤٢.
(٥) انظر جامع البيان ٣٠/ ١٠٨ - ١٠٩ حيث أخرجه الطبري عن كثيرين، والذي ساقه المؤلف أشبه برواية أبي صالح، وقتادة، والضحاك. وانظر المحرر الوجيز ١٦/ ٢٥٧.
(٦) انظر معالم التنزيل ٤/ ٤٦١.


الصفحة التالية
Icon