وقوله: ﴿عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا﴾ انتصاب قوله: ﴿عَيْنًا﴾ عند الزمخشري: على المدح (١)، وعند أبي إسحاق: على الحال من ﴿تَسْنِيمٍ﴾ لكونه اسمًا علمًا، فهو معرفة (٢)، أي: ومزاج ذلك الشراب من الماء العالي جاريًا. وعند المبرد: بإضمار أعني (٣)، وعند الفراء: بـ ﴿تَسْنِيمٍ﴾، لأن تسنيمًا مصدر، والمصدر يعمل عمل الفعل لقوله: ﴿أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (١٤) يَتِيمًا﴾ (٤)، وتقديره عنده: من تسنيمِ عينٍ، فلما نونه نصبها به (٥). وعند الأخفش: بـ ﴿يُسْقَوْنَ﴾ (٦)، أي: ماء عين، فحذف المضاف. وعندي على التمييز (٧).
والباء في ﴿بِهَا﴾ يحتمل أن تكون صلة، أي يشربها، أي ماءها، لأن العين لا تُشرب، إنما يُشرب ماؤها، وأن تكون بمعنى: مِنْ، أي: منها، وأن تكون بمعنى: في، أي: وهم فيها، وقد ذكر في سورة الإنسان (٨)، والجملة في موضع الصفة لقوله: ﴿عَيْنًا﴾ أعني: ﴿يَشْرَبُ بِهَا﴾.
﴿إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ (٢٩) وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ (٣٠) وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ (٣١) وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلَاءِ لَضَالُّونَ (٣٢) وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ (٣٣) فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ (٣٤) عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ (٣٥) هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (٣٦)﴾:
(٢) معاني الزجاج ٥/ ٣٠١.
(٣) حكاه عنه النحاس ٣/ ٦٥٧ - ٦٥٨. ومكي ٢/ ٤٦٤.
(٤) سورة البلد، الآيتان: ١٤ - ١٥.
(٥) معاني الفراء ٣/ ٢٤٩.
(٦) معانيه ٢/ ٥٧٣.
(٧) أول وجه عند صاحب البيان ٢/ ٥٠١.
(٨) انظر إعرابه للآية (٦) منها.