قوله عز وجل: ﴿وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ﴾ (كم) خبرية للتكثير، ومحلها الرفع على الابتداء، والخبر ﴿لَا تُغْنِي﴾. وجُمع الضمير في ﴿شَفَاعَتُهُمْ﴾ حملًا على معنى (كم) دون لفظها، ولو قيل: شفاعته بالتوحيد حملًا على اللفظ لكان جائزًا، ولا ينبغي لأحد أن يقرأ به، لأن القراءة سنة متبعة يأخذها الخلف عن السلف من غير اعتراض.
وقوله: ﴿وَإِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ أي: إلا من بعد إذن الله لهم في الشفاعة لمن يشاء شفاعته من المشفوع لهم، فحذف المضاف وهو المصدر المقدر بإضافته إلى المفعول به، فصار لمن يَشَاؤهُ، ثم حذف الراجع إلى (من) فبقي ﴿لِمَنْ يَشَاءُ﴾ كما ترى، أو إلا من بعد إذن الله لمن شاء منهم في الشفاعة، فقوله: ﴿لِمَنْ يَشَاءُ﴾ يجوز أن يكون لمن يشاء من المشفوع لهم من أهل التوحيد، وأن يكون من الملائكة الشافعين.
وقوله: ﴿تَسْمِيَةَ الْأُنْثَى﴾ نصب على النعت لمصدر محذوف، أي: تسميةً مثل تسمية الأنثى.
﴿وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى (٣١) الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى (٣٢) أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى (٣٣) وَأَعْطَى قَلِيلًا وَأَكْدَى (٣٤)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ﴾ اللام من صلة محذوف دل عليه ما في قوله: (للَّهِ) من معنى الملك، لأن اللام لامُ المِلْكِ، والمِلْكُ إنما يكون بخلقه ذلك، والتقدير: خلقهما وما فيهما لهذا الغرض، وهو أن يجازي المطيع بطاعته، والمسيء بإساءته. وقيل: هو متصل بما دل عليه قوله: ﴿ذَلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ﴾ أي:


الصفحة التالية
Icon