أحصى ذلك لهذا الغرض، وهو أن يجازي الفريقين على أعمالهم (١).
وقوله: ﴿الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ﴾ يجوز أن يكون في موضع نصب على البدل من ﴿الَّذِينَ أَحْسَنُوا﴾، وأن يكون في موضع ردع على إضمار مبتدأ، أي: هم الذين يجتنبون.
وقوله: ﴿إِلَّا اللَّمَمَ﴾: فيه وجهان:
أحدهما: منقطع، أي: لكن اللمم قد غفره الله، وهو الوجه، لأن اللمم ما قَلَّ وصَغُر من الذنب عند الجمهور.
والثاني: متصل، والمعنى: الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا أن يُلِمَّ مُلِمٌّ بها ثم يتوب، فإنه وإن لم يكن اجتنبها في حالِ ما ارتكبها، فغير خارج عن صفة المحسنين؛ لأنه تاب منها.
وقوله: ﴿وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ﴾ (أجنة) جمع جنين، والجنين: الولد ما دام في البطن، وهو فعيل بمعنى مفعول، أي: مدفون، والجنين: الدفين في الشيء.
﴿أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرَى (٣٥) أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى (٣٦) وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى (٣٧) أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى (٣٨) وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى (٣٩) وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى (٤٠) ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى (٤١)﴾:
قوله عز وجل: ﴿أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرَى﴾ (يرى) من رؤية القلب، ومفعولاه محذوفان، أي: أعند هذا المعطي القليل المكدي علم الغيب فهو يراه شاهدًا؟ أي: يرى الغيب مثل الشهادة، فحُذفا لدلالة الكلام عليهما. قيل: وهذه جملة اسمية واقعة موقع الفعلية، والأصْلُ أعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَيَرىَ، ولو جاء على ذلك لكان نصبًا على جواب الاستفهام (٢).
(٢) انظر التبيان الموضع السابق.