وقوله: ﴿أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى﴾ (أم) هنا يجوز أن تكون منقطعة بمعنى بل وهمزة الاستفهام، وأن تكون معادلة للهمزة في قوله: ﴿أَعِنْدَهُ﴾.
وقوله: ﴿وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى﴾ عطف على ﴿مُوسَى﴾، أي: وبما في صحف إبراهيم.
والجمهور على تشديد قوله: ﴿وَفَّى﴾، وقرئ: (وَفَى) بالتخفيف (١)، على معنى: صدق في قوله وعمله، وهو قريب من معنى التشديد، وقد مضى الكلام عليهما فيما سلف من الكتاب بأشبع من هذا (٢).
وقوله: ﴿أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾ (أن) هنا هي المخففة من الثقيلة، واسمها مضمر، وهو الأمر أو الشأن، وموضع (أن) وما اتصل بها: إما الجر على البدل من (ما) في قوله: ﴿أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى﴾ وإما الرفع على: ذلك، أو: هو ألَّا تَزِرُ، كأنه قيل: وما في صحف المذكورين؟ فقيل: ذلك، أو: هو ألا تَزِرُ، و ﴿وِزْرَ﴾ مفعول به وليس بمصدر.
وقوله: ﴿وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى﴾ (أن) أيضًا هي المخففة عَطْفٌ على (أن) الأولى المذكورة آنفًا، و ﴿لِلْإِنْسَانِ﴾ خبر ﴿لَيْسَ﴾، و ﴿إِلَّا مَا سَعَى﴾ اسمها، أي: إلا سعيه، ويجوز أن تكون موصولة، وجاز دخول (أن) على ﴿لَيْسَ﴾ من غير عوض لأحد الأمرين: إما لعدم تصرفها فأشبهت الحروف، ولذلك جُوّز: ليس الطِّيبُ إلَّا المسكُ (٣)، فجعلت بمنزلة (ما)، وإما لسد ما فيها من معنى النفي مسد ذلك.
(٢) انظر إعرابه للآية (٤٠) من البقرة.
(٣) انظر الكتاب ١/ ١٤٧.