وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى (٨) فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى (٩) سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى (١٠) وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى (١١) الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى (١٢) ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى (١٣)}:
قوله عز وجل: ﴿فَلَا تَنْسَى﴾ في (لا) وجهان:
أحدهما: نفي، وهو الوجه وعليه الجل، محتجين بأن الإنسان لا يُؤمَرُ بترك النسيان، لأنه ليس باختياره.
والثاني: نهي، والألف صلة للفاصلة، كالتي في ﴿الظُّنُونَا﴾ (١)، و ﴿السَّبِيلَا﴾ (٢). وقيل: ناشئة عن إشباع الفتحة.
وقوله: ﴿إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ﴾ (ما) في موضع نصب على الاستثناء، أي: لستَ تنسى إلا ما شاء الله أن ينسيكه برفع تلاوته للمصلحة. وقيل: الغرض بالاستثناء نفي النسيان رأسًا، كما يقول الرجل لصاحبه: أنت شريكي فيما أملك إلا فيما شاء الله، ولا يقصد استثناء شيء به (٣).
قال الفراء: قال لم يشأ الله أن ينسى شيئًا (٤).
﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (١٤) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى (١٥) بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (١٦) وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى (١٧) إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى (١٨) صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى (١٩)﴾:
قوله عز وجل: ﴿بَلْ تُؤْثِرُونَ﴾ قرئ: بالتاء النقط من فوقه على الخطاب، أي: قل لهم ذلك، تعضده قراءة من قرأ: (بل أنتم تؤثرون)، وهما ابن مسعود وأُبي رضي الله عنهما (٥)، وبالياء النقط من

(١) سورة الأحزاب، الآية: ١٠.
(٢) سورة الأحزاب، الآية: ٦٧.
(٣) الكشاف ٤/ ٢٠٤.
(٤) معانيه ٣/ ٢٥٦.
(٥) هي لأُبي - رضي الله عنه - في معاني الفراء ٣/ ٢٥٧. وجامع البيان ٣٠/ ١٥٨. ومعاني الزجاج ٥/ ٣١٦. وإعراب النحاس ٣/ ٦٨٢. والمحرر الوجيز ١٦/ ٢٨٤. والقرطبي ٢٠/ ٢٣. وهي لابن مسعود - رضي الله عنه - في مختصر الشواذ/ ١٧٢/. والكشاف ٤/ ٢٠٥.


الصفحة التالية
Icon